25102011
هذه دراسة قامت بها خدمة هارفارد الطبية بجامعة هارفارد الأمريكية «ولاية ماساشوستس الاميركية»
مشاكل التوازن
تنجم عن اضطرابات جسدية وأمراض واستعادتها تتطلب إجراء التمارين المطلوب
* هناك عدد مِنْ الحالات قد تحرم الواحد منا نعمة التوازن، لكن يُمْكِننا،
في أغلب الأحيان، استعادتها بممارسة بعض الأنشطة والتمارين.
من المحتمل أن تكون لديك فكرة جيّدة جداً عنْ حالتكِ الصحيَّةِ. وبمقدورك
أن تتخلص من ضغطِ الدمّ المرتفع ومُستَوَيَات الكُولِسترولِ المرتفعة وحتى
من مؤشر كتلةِ جسمكَ. لكن هَلْ قمت بتقييم توازن جسمك أخيرا؟
حاولْ هذا. البس حذاء مريحاً، ثمّ قف وذراعاك مسترخيتان على الجانبِين.
ارفع إحدى القدمَين مِنْ على الأرضيةِ حوالي ست بوصاتِ «15 سم تقريبا»
لوقفةِ تمتد 30 ثانيةِ.
إذا شَعرتَ يوماً أنك مُتقلِّب في المشي إلى حدٍّ ما، فإن توازنك يَمِيلُ
إلى التَلاشي مع الوقتِ. إن فقدان التوازن عند الشخص الرياضي في عطلة
نهاية الإسبوعِ، يعْني سقوطه على المنحدراتِ أَو اختفاءه بين الأمواجِ.
أما بالنسبة لشخص عادي فلا يعدو كونه أمراً مفاجئاً يلقي به على الرصيفِ.
وحتى إذا لم يتسبب ذلك في جروح، فإنه مرحلة للزلاتِ اللاحقةِ، فالسقوط
لمرة واحدة يزيد احتمال حدوثه في المرات القادمة، مثلما يَعمَلُ مجرّد
الخوفَ من السُقُوط.
في كُلّ سَنَة، يسقط أكثر مِنْ ثُلث الناسِ في عمر 65، ونِصْف من هم في
عمر 75 سنة. ويتسبب ذلك السقوط في حوالي 300 ألف كسرَ وركِ سنوياً. وفي
كبار السن يكون السببَ الرئيسي للموتِ أو الإصابة بالعجزِ.
ومع ذلك فإن السقوط لَيس نتيجةً حتميةً لتقدم العمر. ومن المحتملُ استعادة التوازن والتَعويض عن نقصِ التوازن الدائم.
* العيش باتزان
* تعتبر العيون، والآذان، والجهاز العصبي المركزي مفتاح البقاء باتزان
وثبات، فالعين تُخبرُنا أين نحن بالنسبة لبقيّة العالمِ. ولتَكوين فكرةَ
عن أهمية ذلك في المحافظة على التوازن، حاول أن تقف على ساقِ واحدة وتغلقَ
عينيكَ. بالطبع، فهناك نماذجُ بصرية تسْمحُ لنا بتَعديل موقعِ جسمِنا
ونتمكن من أَنْ نمشي حول العقباتِ التي تعترض طريقنا بثبات.
إن المصدر المهم الآخر لإحساسِنا بالتوازنِ هو «الأذنُ الداخليةُ»،
بقنواتِها الثلاث «نصف الدائريةِ المليئِة بسائلٍ semicircular canals»
وغرفتان أخريان «بها أعضاء العظيمات الأذنية otolithic organs» .
والمُستقبِلات العصبية في القنواتِ نصف الدائريةِ تكون حسّاسةً للدورانِ
والإحساسِ عندما يدير أحدنا رأسه إلى هذا الجانبِ أَو ذاك؛ فتلك الموجودة
في أعضاء العظيمات الأذنية تسجل التغيرات في الوضعِ العموديِ والأفقيِ
للجسم والإحساسِ مع ميلان الرأس فوق وأسفل. وحيثما تُحرّكُ رأسكَ، يَنْقلُ
العصب الدهليزي vestibular nerve موقعَه الدقيقَ إلى الجهاز العصبي
المركزي.
يَحْصلُ الجهاز العصبي المركزي على المعلوماتِ أيضاً مِنْ مُستقبِلاتِ
العصبِ الموجودة في العضلاتِ والأوتارِ العضلية. هذه المستقبلات
proprioceptors تستجيب للانقباضات العضليةِ في كافة أنحاء الجسمِ،
ويَستعملُ الدماغَ المعلوماتَ التي تنقل إليه لخلق خريطة متغيرة بشكل ثابت
عن وضع الجسم. فعندما تَرْفعُ ساقَكَ اليمنى، على سبيل المثال، يتم مراجعة
هذه الخريطة، ويتم المحافظة على توازنك لا شعورياً بانتِقال وزنِ الجسم
إلى ساقِكَ اليسرى.
* اضطراب التوازن
* إن التقارير المتعارضة مِنْ الأجهزة الثلاثة يُمْكِنُ أَنْ تغرقنا
وتَضعَ رؤوسَنا في دوامة. في الحقيقة، فان دوار البحر هو مثال حي على ذلك
ـ فالعين تَقُولُ أن الحجرةَ ثابتةُ، بينما الأذنَ الداخليةَ تَقُولُ
بأنّك تترنح للخلف والأمام، ومن أعلى لأسفل.
إن التوازن يُمْكِنُ أَنْ يَتأثر ويعاني هو أيضاً مِنْ تعطل وظيفي لأحد الأجهزة. ويتسبب في ذلك عدد مِنْ الاِضطراباتِ:
ـ اضطرابات عصبية: مثل مرض باركنسن، تصلّب الأنسجة المتعدد، والجلطات
الدموية التي يُمْكِنُ أَنْ تُؤثّرَ على التوازن. وهذه الأسباب تَتفاوتُ
في تأثيراتها، فمرض باركنسن، على سبيل المثال، يُؤدّي إلى حركةِ متصلّبةِ
بطيئةِ، لذا يَفْقدُ المريض القدرةَ على الوقوف على قدميه إلا بحركات
تحكمية دقيقة. العلاج الطبيعي للحالات العصبيةِ يُمْكِنُ أَنْ يساعدَ في
تَقليل خطرِ السقوط لهؤلاء المرضى بالمحافظة على جزء من التوازن.
ـ مرض السكّري: يُسبّبُ ضعفاً في أعصابِ القدمِين، مما يجَعْل الأمر أكثر
صعوبةً لمريض السكري لَيسَ فقط بالنسبة للمشي بطريقة صحيحة لكن أيضاً
للإحْساْس بالتضاريسِ تحت القدمين. العناية بالقدمِ بدقةِ، ومنها العناية
بجلد الأقدام والاظافر والتقرحات والجروح الجلديةِ، يُمْكِنُ أَنْ تساعدَ
على مَنْع بترِ إصبعِ القدم الذي قَدْ يُؤثّرُ على التوازن.
ـ الدوار: ولَهُ عِدّة أسباب، منها مرض مِنْيير Ménière"s disease الذي
ينتج عن تجمع السائلِ في الأذنِ الداخليةِ فيؤدي الى انحرّاف الإشارات
مِنْ القنواتِ نصف الدائريةِ. ويُمْكِنُ أحياناً أَنْ يُسيطرَ عليه
بالتحكم الغذائي ـ مثل تَجَنُّب الملح، الكافايين، والكحول ـ الذي يُخفّضُ
من حجم السائلَ الذي يَحتفظُ به الجسمَ. وقد يتطلّبُ الأمر وصف أدوية
معينة أَو الى التدخل الجراحي.
ـ الدوار الموضعي الحميد «بي بي في Benign positional vertigo BPV» ، سببه
بلوراتِ كلوريد الكالسيومِ التي تزاح مِنْ أعضاء عظيمات الأذن العائمة في
القنواتِ نصف الدائريةِ، ومن حينٍ لآخر تقوم بالاحتكاك بالنهاياتِ
العصبِية وترسل تقاريرَ خاطئة تفيد أن الرأس يدور. دوار بي بي فيBPV
يُمْكِنُ أَنْ يُعالجَ بطريقة «إيبلي» Epley، التي تتضمّنُ تحريك الرأسِ
في سلسلة من الاتجاهات التي توجهُ البلورات العائِمة إلى جزء من الأذنِ
الداخليةِ ذات نهاياتِ عصبِية أقل. وموقع هارفارد للصحة على شبكة الإنترنت
www.health.harvard.edu/healthextra يحمل بَعْض المعلومات الإضافيةِ حول طريقة إيبليEpley للعلاج.
أخيراً، لربما يكون السبب الأكثر شيوعاً لحالات «الدوار» وفقدان التوازن
هو شَيْخُوخَة الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية. هذا الجهاز الذي يَفْعل ما
بمقدوره لأداء وظيفته بقدر الإمكان، ومثله في ذلك مثل العين، الأذن،
القلب، والكبد التي لن تتمكن من العمل في السن المتقدمة كما كانت في
شبابها.
ـ انخفاض ضغط الدم الهبوطي الموضعي Postural hypotension : حيث يحدث هبوط
في ضغطِ الدم عند الوقوف المفاجئ من وضع الجلوس أو النوم ـ ويُمْكِنُ أَنْ
يُسبّب دوارا وشبه إغماء lightheadedness. إنها حالة شائعة ولها العديد
مِنْ الأسبابِ مثل: الجفاف، فقر الدم، تناول بعض الأدوية، أَو وجود عيوب
تكوينية في جهاز التنظيم العصبي المستقل، الذي يراقبُ ويسيطرُ على ضغطِ
الدمّ. فإذا أحسست بهذا النوع من الدوار والاغماءة lightheaded وتكرر ذلك
عند النُهُوض من السريرِ أَو الوقوف من على الكرسي، فلا بد أن تستشير
الطبيب فوراً. وإذا تَعرضت لفقدان الوعي حتى لمرّة واحدة، فيَجب اسْتِشارة
الطبيب، لأن هذه الحالة قد تحدث أيضاً بسبب أمراض خطيرة بالقلب والدماغ.
إذا حصل أن شُخّصت حالتك بانخفاض ضغط الدمِ الموضعي الحميد benign
postural hypotension «أي هبوط ضغطِ دمّ دون سببِ ظاهر» ، عليك أن تلْبس
جوارب ضاغطة فهي قَدْ تُساعدُ في منع حدوث الحالة. وإذا كنت مسنّاً، وإن
لم يسبق أن عانيت من هذه الحالة، فيستحسن لك أن تجلس لمدّة بِضْع ثوان على
حافةِ السريرِ قبل النُهُوض. فهذه المهلة البسيطة من الزمن ستَعطي جهازِ
الدورة الدموية الفرصة لتَعديل وضخ كمية كافية من الدمِّ إلى الدماغ.
* القدم والعين
* ـ مشاكل القدم: مثل حالة الذرة «مسمار القدم» ، الخراج أو الدُوحاس،
والأصابع المنتفخة أو المفلطحة، فهي تشكل سبباً وقد تكون نتيجة وجود حالة
عدم التوازن. إن فحص نعل القدم يُمْكِنُ أَنْ يُشيرَ إلى وجود مثل هذه
الحالات. إذا لاحظتَ أن أحذيتَك غير مريحة في اللبس، فإن اختصاصي القدم
بإمكانه أن يعَالجَ المشكلة الكامنةِ وراء ذلك ويصف لك حذاء ملائماً يضمن
وضع وملامسة قدميك للأرض بشكل قوي.
ـ أمراض العين: مثل الماءِ الأبيض والأزرَقِ، فهما لصان يسرقا البصرِ
والتوازن معاً. والحل لمكافحة ذلك ومنعه الالتزام بإجراء فحص العينِ
بانتظام. ومن حُسن الحظ أن التوازن يتحسن تقريباً بعد إجراء عملية الماء
الأبيض للعين.
ـ بعض الأدوية: خاصة التي يُمْكِنُ أَنْ تُسبّبَ الدوخةَ وتتضمّنُ
المسكّناتَ، وخافضة ضغط الدمantihypertensives ومضادات الاكتئاب
antidepressants، ومضادات الهستامين، وبَعْض المضادات الحيوية التي لها
مضاعفات جانبية بالتأثير على الأذنِ الداخلية. فإذا كنت تَشك أن الدواء
الذي تتعاطاه يؤثر على توازنك، فناقش الأمر مَع طبيبك ليصف لك احد البدائل.
ـ الكحول: وهو يؤثر على سلامة المشي ويؤدي الى الترنح.
* اسْتِعْاَدة التوازن
* عفواً، فليس هناك وقت للراحة والانتظار عندما يتعلق الأمر بصيانة صحتك.
والتوازن هو أحد الأمور التي إما أن تستعملها أَو أن تفْقدها. الناس قليلو
الحركة لا يُصبحونَ مترهلينَ فقط، وإنما يَفْقدونَ أيضاً بعضا مِنْ
الإرتباطاتِ العصبيةِ الضرورية أيضاً للتوازن الجيدِ. «ولا ننسى المثل
العربي «في الحركة بركة»» ، والذي يقابله، المثل الانجليزي الذي يقول
حركتك لن تكون عديمة الفائدة فعلى الأقل سَتساعدُك أن تَبْقى على أقدامِكَ
Getting off your duff will help you stay on your feet.
ـ القوة العضلية: فالجسم القوي «ورك قوي، ركبة سليمة، وعضلات كاحلِ قوية»
تعطي جسماً صلباً وتُساعدُ على المشي المتزن السليم، بعكس العضلات الضعيفة
التي تجعل المشي مهزوزاً. وهناك تشكيلة واسعة من الأجهزةِ التي صمّمتْ
للاستخدام في تمارينِ تحسينِ التوازن، وتشمل الكرسي الهزاز البسيط، أقراص
الدوران، وكرات التوازن.
إذا كنت ترغب في مشية سليمة ووقوف قوي على أرضِ
صلبةِ، فإن تاي شيtai chi قد أَسّسَ برنامجا خاصا لتمارين التوازن. لقد
أثبتتْ الدِراسات العديدة أنّ الحركاتَ المتتالية المسيطر عليهاَ هي طريق
صحيح عظيم لبِناء الوعي حول الجسمِ السليم، وتُحسّنُ الثبات والاستقرار،
وتخفّضُ الخوفَ من السُقُوط. وعلى سبيل المثال، في عام 2005 أُجريت دراسة
في مراكز مراقبة ومنع الأمراضِ CDC لمعرفة جدوى تمارين تاي شيtai chi
ومقارنتها بتطبيق برنامج صحّي منتظمِ. كان متطوعو هذه الدراسةَ من فئة
أعمار 70 إلى 97 سنة ومعظمهم من النساء، سبق أن تعرضوا للسقوط لضعف
أجسامهم. وَجدَ باحثو المركز أن الذين طبقوا تمارين تاي شيtai chi كَانوا
أقل خوفاً من السُقُوط بكثير مِنْ أولئك الذين طبقوا البرنامجِ الصحي،
ووجدوا أيضاً أن الفرق يكون أكثر وضوحاً كلما زادَ عدد السنوات.
هناك أيضاً بضعة تمارين أخرى بسيطة تعمل على تحسين القوّةَ والتوازن وقد
طُبقت في مراكز مرضى النقاهة الضعفاءِ، ويمكن لأي شخص أن يؤديها في البيت
خلال بضع دقائق.
* أدوات مساعدة
* كلنا نَحتاجُ إلى المساعدة مِنْ أصدقائِنا، لكن إذا كان الأمر متعلقاً بمشاكل التوازن، فإننا قَدْ نَحتاجُ الى شيءَ أكثرَ وأكبر.
إذا كنت تستعمل أداةَ مساعدة أَو أن طبيبَكَ قد أوصىَ بذلك، فهناك مجموعة
واسعة من الأدوات المساعدة مثل عصي المشي، عصي، مشايات في انتظارك. وبينما
تَقوم بالاختيار، فهناك عِدّة عوامل لا بد أن تؤخذ في الاعتِبار، منها
طولك، قوّتك، طريقة وقوفك، ونشاطاتك اليومية. لا تقْبل بشّيء مُزعج أَو
صعبُ الاسْتِعْمال. قَدْ يَأْخذُ الأمر بَعْض الوقت وقد يحتاج الى التجربة
مرة ومرات حتى تحصل على الأداة التي تساعدك وتلبي حاجتك.
ـ وضع الجسم: فالوضع السيئُ يسبب اضطراباً في التوازن، فالأكتاف المدوّرة
والأعمدة الفقرية الضعيفة لا تبْدو سيّئة المنظر فقط، لكنها تهيئ الجسم
للسقوط بسحب الوزنِ إلى الأمام.
مشاكل التوازن
تنجم عن اضطرابات جسدية وأمراض واستعادتها تتطلب إجراء التمارين المطلوب
* هناك عدد مِنْ الحالات قد تحرم الواحد منا نعمة التوازن، لكن يُمْكِننا،
في أغلب الأحيان، استعادتها بممارسة بعض الأنشطة والتمارين.
من المحتمل أن تكون لديك فكرة جيّدة جداً عنْ حالتكِ الصحيَّةِ. وبمقدورك
أن تتخلص من ضغطِ الدمّ المرتفع ومُستَوَيَات الكُولِسترولِ المرتفعة وحتى
من مؤشر كتلةِ جسمكَ. لكن هَلْ قمت بتقييم توازن جسمك أخيرا؟
حاولْ هذا. البس حذاء مريحاً، ثمّ قف وذراعاك مسترخيتان على الجانبِين.
ارفع إحدى القدمَين مِنْ على الأرضيةِ حوالي ست بوصاتِ «15 سم تقريبا»
لوقفةِ تمتد 30 ثانيةِ.
إذا شَعرتَ يوماً أنك مُتقلِّب في المشي إلى حدٍّ ما، فإن توازنك يَمِيلُ
إلى التَلاشي مع الوقتِ. إن فقدان التوازن عند الشخص الرياضي في عطلة
نهاية الإسبوعِ، يعْني سقوطه على المنحدراتِ أَو اختفاءه بين الأمواجِ.
أما بالنسبة لشخص عادي فلا يعدو كونه أمراً مفاجئاً يلقي به على الرصيفِ.
وحتى إذا لم يتسبب ذلك في جروح، فإنه مرحلة للزلاتِ اللاحقةِ، فالسقوط
لمرة واحدة يزيد احتمال حدوثه في المرات القادمة، مثلما يَعمَلُ مجرّد
الخوفَ من السُقُوط.
في كُلّ سَنَة، يسقط أكثر مِنْ ثُلث الناسِ في عمر 65، ونِصْف من هم في
عمر 75 سنة. ويتسبب ذلك السقوط في حوالي 300 ألف كسرَ وركِ سنوياً. وفي
كبار السن يكون السببَ الرئيسي للموتِ أو الإصابة بالعجزِ.
ومع ذلك فإن السقوط لَيس نتيجةً حتميةً لتقدم العمر. ومن المحتملُ استعادة التوازن والتَعويض عن نقصِ التوازن الدائم.
* العيش باتزان
* تعتبر العيون، والآذان، والجهاز العصبي المركزي مفتاح البقاء باتزان
وثبات، فالعين تُخبرُنا أين نحن بالنسبة لبقيّة العالمِ. ولتَكوين فكرةَ
عن أهمية ذلك في المحافظة على التوازن، حاول أن تقف على ساقِ واحدة وتغلقَ
عينيكَ. بالطبع، فهناك نماذجُ بصرية تسْمحُ لنا بتَعديل موقعِ جسمِنا
ونتمكن من أَنْ نمشي حول العقباتِ التي تعترض طريقنا بثبات.
إن المصدر المهم الآخر لإحساسِنا بالتوازنِ هو «الأذنُ الداخليةُ»،
بقنواتِها الثلاث «نصف الدائريةِ المليئِة بسائلٍ semicircular canals»
وغرفتان أخريان «بها أعضاء العظيمات الأذنية otolithic organs» .
والمُستقبِلات العصبية في القنواتِ نصف الدائريةِ تكون حسّاسةً للدورانِ
والإحساسِ عندما يدير أحدنا رأسه إلى هذا الجانبِ أَو ذاك؛ فتلك الموجودة
في أعضاء العظيمات الأذنية تسجل التغيرات في الوضعِ العموديِ والأفقيِ
للجسم والإحساسِ مع ميلان الرأس فوق وأسفل. وحيثما تُحرّكُ رأسكَ، يَنْقلُ
العصب الدهليزي vestibular nerve موقعَه الدقيقَ إلى الجهاز العصبي
المركزي.
يَحْصلُ الجهاز العصبي المركزي على المعلوماتِ أيضاً مِنْ مُستقبِلاتِ
العصبِ الموجودة في العضلاتِ والأوتارِ العضلية. هذه المستقبلات
proprioceptors تستجيب للانقباضات العضليةِ في كافة أنحاء الجسمِ،
ويَستعملُ الدماغَ المعلوماتَ التي تنقل إليه لخلق خريطة متغيرة بشكل ثابت
عن وضع الجسم. فعندما تَرْفعُ ساقَكَ اليمنى، على سبيل المثال، يتم مراجعة
هذه الخريطة، ويتم المحافظة على توازنك لا شعورياً بانتِقال وزنِ الجسم
إلى ساقِكَ اليسرى.
* اضطراب التوازن
* إن التقارير المتعارضة مِنْ الأجهزة الثلاثة يُمْكِنُ أَنْ تغرقنا
وتَضعَ رؤوسَنا في دوامة. في الحقيقة، فان دوار البحر هو مثال حي على ذلك
ـ فالعين تَقُولُ أن الحجرةَ ثابتةُ، بينما الأذنَ الداخليةَ تَقُولُ
بأنّك تترنح للخلف والأمام، ومن أعلى لأسفل.
إن التوازن يُمْكِنُ أَنْ يَتأثر ويعاني هو أيضاً مِنْ تعطل وظيفي لأحد الأجهزة. ويتسبب في ذلك عدد مِنْ الاِضطراباتِ:
ـ اضطرابات عصبية: مثل مرض باركنسن، تصلّب الأنسجة المتعدد، والجلطات
الدموية التي يُمْكِنُ أَنْ تُؤثّرَ على التوازن. وهذه الأسباب تَتفاوتُ
في تأثيراتها، فمرض باركنسن، على سبيل المثال، يُؤدّي إلى حركةِ متصلّبةِ
بطيئةِ، لذا يَفْقدُ المريض القدرةَ على الوقوف على قدميه إلا بحركات
تحكمية دقيقة. العلاج الطبيعي للحالات العصبيةِ يُمْكِنُ أَنْ يساعدَ في
تَقليل خطرِ السقوط لهؤلاء المرضى بالمحافظة على جزء من التوازن.
ـ مرض السكّري: يُسبّبُ ضعفاً في أعصابِ القدمِين، مما يجَعْل الأمر أكثر
صعوبةً لمريض السكري لَيسَ فقط بالنسبة للمشي بطريقة صحيحة لكن أيضاً
للإحْساْس بالتضاريسِ تحت القدمين. العناية بالقدمِ بدقةِ، ومنها العناية
بجلد الأقدام والاظافر والتقرحات والجروح الجلديةِ، يُمْكِنُ أَنْ تساعدَ
على مَنْع بترِ إصبعِ القدم الذي قَدْ يُؤثّرُ على التوازن.
ـ الدوار: ولَهُ عِدّة أسباب، منها مرض مِنْيير Ménière"s disease الذي
ينتج عن تجمع السائلِ في الأذنِ الداخليةِ فيؤدي الى انحرّاف الإشارات
مِنْ القنواتِ نصف الدائريةِ. ويُمْكِنُ أحياناً أَنْ يُسيطرَ عليه
بالتحكم الغذائي ـ مثل تَجَنُّب الملح، الكافايين، والكحول ـ الذي يُخفّضُ
من حجم السائلَ الذي يَحتفظُ به الجسمَ. وقد يتطلّبُ الأمر وصف أدوية
معينة أَو الى التدخل الجراحي.
ـ الدوار الموضعي الحميد «بي بي في Benign positional vertigo BPV» ، سببه
بلوراتِ كلوريد الكالسيومِ التي تزاح مِنْ أعضاء عظيمات الأذن العائمة في
القنواتِ نصف الدائريةِ، ومن حينٍ لآخر تقوم بالاحتكاك بالنهاياتِ
العصبِية وترسل تقاريرَ خاطئة تفيد أن الرأس يدور. دوار بي بي فيBPV
يُمْكِنُ أَنْ يُعالجَ بطريقة «إيبلي» Epley، التي تتضمّنُ تحريك الرأسِ
في سلسلة من الاتجاهات التي توجهُ البلورات العائِمة إلى جزء من الأذنِ
الداخليةِ ذات نهاياتِ عصبِية أقل. وموقع هارفارد للصحة على شبكة الإنترنت
www.health.harvard.edu/healthextra يحمل بَعْض المعلومات الإضافيةِ حول طريقة إيبليEpley للعلاج.
أخيراً، لربما يكون السبب الأكثر شيوعاً لحالات «الدوار» وفقدان التوازن
هو شَيْخُوخَة الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية. هذا الجهاز الذي يَفْعل ما
بمقدوره لأداء وظيفته بقدر الإمكان، ومثله في ذلك مثل العين، الأذن،
القلب، والكبد التي لن تتمكن من العمل في السن المتقدمة كما كانت في
شبابها.
ـ انخفاض ضغط الدم الهبوطي الموضعي Postural hypotension : حيث يحدث هبوط
في ضغطِ الدم عند الوقوف المفاجئ من وضع الجلوس أو النوم ـ ويُمْكِنُ أَنْ
يُسبّب دوارا وشبه إغماء lightheadedness. إنها حالة شائعة ولها العديد
مِنْ الأسبابِ مثل: الجفاف، فقر الدم، تناول بعض الأدوية، أَو وجود عيوب
تكوينية في جهاز التنظيم العصبي المستقل، الذي يراقبُ ويسيطرُ على ضغطِ
الدمّ. فإذا أحسست بهذا النوع من الدوار والاغماءة lightheaded وتكرر ذلك
عند النُهُوض من السريرِ أَو الوقوف من على الكرسي، فلا بد أن تستشير
الطبيب فوراً. وإذا تَعرضت لفقدان الوعي حتى لمرّة واحدة، فيَجب اسْتِشارة
الطبيب، لأن هذه الحالة قد تحدث أيضاً بسبب أمراض خطيرة بالقلب والدماغ.
إذا حصل أن شُخّصت حالتك بانخفاض ضغط الدمِ الموضعي الحميد benign
postural hypotension «أي هبوط ضغطِ دمّ دون سببِ ظاهر» ، عليك أن تلْبس
جوارب ضاغطة فهي قَدْ تُساعدُ في منع حدوث الحالة. وإذا كنت مسنّاً، وإن
لم يسبق أن عانيت من هذه الحالة، فيستحسن لك أن تجلس لمدّة بِضْع ثوان على
حافةِ السريرِ قبل النُهُوض. فهذه المهلة البسيطة من الزمن ستَعطي جهازِ
الدورة الدموية الفرصة لتَعديل وضخ كمية كافية من الدمِّ إلى الدماغ.
* القدم والعين
* ـ مشاكل القدم: مثل حالة الذرة «مسمار القدم» ، الخراج أو الدُوحاس،
والأصابع المنتفخة أو المفلطحة، فهي تشكل سبباً وقد تكون نتيجة وجود حالة
عدم التوازن. إن فحص نعل القدم يُمْكِنُ أَنْ يُشيرَ إلى وجود مثل هذه
الحالات. إذا لاحظتَ أن أحذيتَك غير مريحة في اللبس، فإن اختصاصي القدم
بإمكانه أن يعَالجَ المشكلة الكامنةِ وراء ذلك ويصف لك حذاء ملائماً يضمن
وضع وملامسة قدميك للأرض بشكل قوي.
ـ أمراض العين: مثل الماءِ الأبيض والأزرَقِ، فهما لصان يسرقا البصرِ
والتوازن معاً. والحل لمكافحة ذلك ومنعه الالتزام بإجراء فحص العينِ
بانتظام. ومن حُسن الحظ أن التوازن يتحسن تقريباً بعد إجراء عملية الماء
الأبيض للعين.
ـ بعض الأدوية: خاصة التي يُمْكِنُ أَنْ تُسبّبَ الدوخةَ وتتضمّنُ
المسكّناتَ، وخافضة ضغط الدمantihypertensives ومضادات الاكتئاب
antidepressants، ومضادات الهستامين، وبَعْض المضادات الحيوية التي لها
مضاعفات جانبية بالتأثير على الأذنِ الداخلية. فإذا كنت تَشك أن الدواء
الذي تتعاطاه يؤثر على توازنك، فناقش الأمر مَع طبيبك ليصف لك احد البدائل.
ـ الكحول: وهو يؤثر على سلامة المشي ويؤدي الى الترنح.
* اسْتِعْاَدة التوازن
* عفواً، فليس هناك وقت للراحة والانتظار عندما يتعلق الأمر بصيانة صحتك.
والتوازن هو أحد الأمور التي إما أن تستعملها أَو أن تفْقدها. الناس قليلو
الحركة لا يُصبحونَ مترهلينَ فقط، وإنما يَفْقدونَ أيضاً بعضا مِنْ
الإرتباطاتِ العصبيةِ الضرورية أيضاً للتوازن الجيدِ. «ولا ننسى المثل
العربي «في الحركة بركة»» ، والذي يقابله، المثل الانجليزي الذي يقول
حركتك لن تكون عديمة الفائدة فعلى الأقل سَتساعدُك أن تَبْقى على أقدامِكَ
Getting off your duff will help you stay on your feet.
ـ القوة العضلية: فالجسم القوي «ورك قوي، ركبة سليمة، وعضلات كاحلِ قوية»
تعطي جسماً صلباً وتُساعدُ على المشي المتزن السليم، بعكس العضلات الضعيفة
التي تجعل المشي مهزوزاً. وهناك تشكيلة واسعة من الأجهزةِ التي صمّمتْ
للاستخدام في تمارينِ تحسينِ التوازن، وتشمل الكرسي الهزاز البسيط، أقراص
الدوران، وكرات التوازن.
إذا كنت ترغب في مشية سليمة ووقوف قوي على أرضِ
صلبةِ، فإن تاي شيtai chi قد أَسّسَ برنامجا خاصا لتمارين التوازن. لقد
أثبتتْ الدِراسات العديدة أنّ الحركاتَ المتتالية المسيطر عليهاَ هي طريق
صحيح عظيم لبِناء الوعي حول الجسمِ السليم، وتُحسّنُ الثبات والاستقرار،
وتخفّضُ الخوفَ من السُقُوط. وعلى سبيل المثال، في عام 2005 أُجريت دراسة
في مراكز مراقبة ومنع الأمراضِ CDC لمعرفة جدوى تمارين تاي شيtai chi
ومقارنتها بتطبيق برنامج صحّي منتظمِ. كان متطوعو هذه الدراسةَ من فئة
أعمار 70 إلى 97 سنة ومعظمهم من النساء، سبق أن تعرضوا للسقوط لضعف
أجسامهم. وَجدَ باحثو المركز أن الذين طبقوا تمارين تاي شيtai chi كَانوا
أقل خوفاً من السُقُوط بكثير مِنْ أولئك الذين طبقوا البرنامجِ الصحي،
ووجدوا أيضاً أن الفرق يكون أكثر وضوحاً كلما زادَ عدد السنوات.
هناك أيضاً بضعة تمارين أخرى بسيطة تعمل على تحسين القوّةَ والتوازن وقد
طُبقت في مراكز مرضى النقاهة الضعفاءِ، ويمكن لأي شخص أن يؤديها في البيت
خلال بضع دقائق.
* أدوات مساعدة
* كلنا نَحتاجُ إلى المساعدة مِنْ أصدقائِنا، لكن إذا كان الأمر متعلقاً بمشاكل التوازن، فإننا قَدْ نَحتاجُ الى شيءَ أكثرَ وأكبر.
إذا كنت تستعمل أداةَ مساعدة أَو أن طبيبَكَ قد أوصىَ بذلك، فهناك مجموعة
واسعة من الأدوات المساعدة مثل عصي المشي، عصي، مشايات في انتظارك. وبينما
تَقوم بالاختيار، فهناك عِدّة عوامل لا بد أن تؤخذ في الاعتِبار، منها
طولك، قوّتك، طريقة وقوفك، ونشاطاتك اليومية. لا تقْبل بشّيء مُزعج أَو
صعبُ الاسْتِعْمال. قَدْ يَأْخذُ الأمر بَعْض الوقت وقد يحتاج الى التجربة
مرة ومرات حتى تحصل على الأداة التي تساعدك وتلبي حاجتك.
ـ وضع الجسم: فالوضع السيئُ يسبب اضطراباً في التوازن، فالأكتاف المدوّرة
والأعمدة الفقرية الضعيفة لا تبْدو سيّئة المنظر فقط، لكنها تهيئ الجسم
للسقوط بسحب الوزنِ إلى الأمام.
تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى