09032010
.... لقد درست الفيزياء .... كي أعرف سر هذه الحياة ... و قد وجدت أجوبة كثيرة لعدة أسئلة كانت تجوب في خاطري .... عرفت كيف يسير هذا الكون ... و ها أنذا أصبحت ملحدا ... أنكر وجود الخالق ... و لكن ما يحيرني هو لماذا وجد هذا الكون !!! ??
كلما أفكر بالموت .... ينتابني شعور غــريب ... شعور يجعلني بأن في هذا الكون سر غريب ... شعور يجعلني أشعر بأن إلحادي ليس له معنى ... أشعر بأني قد أضعت عمري دون جدوى ... أشعر بأني مقصر .... أشعر بأني خــــاسر !!!!
هذه ملخص كلمات بروفيسوري ... ألماني الأصل ... وملحد ..
أولا : إعتقاد املاحدة في الموت :
فمن الملحدين من يقول :
ان الانسان قد مات من قبل بالفعل . وان ما سيحدث لنا بعد الموت هو امر عادى لاننا مررنا به من قبل وذلك قبل ولادتنا لما كنا عدم ولم نكن نشعر بشىء . لهذا بعد موتنا سنعود الى ذلك العدم ولن نشعربشىء
وقد شبه احدهم هذا الشعور مثل ال on و off فى الكهرباء (محاولة تخديرية)
ومنهم من يحاول ان ينسى هذه المسالة تماما فيقول لك عش حياتك كما تريد ولا تفكر فى الموت فنحن لانعرف عنه شىء فلماذا التفكر فيه ؟ ولا ننسى (محاولات التخدير) حيث يقول وعندما نموت سنكتشف وقتها انه لا يوجد عذاب ولا عقاب .
سبحان الله على التناقض منذ قليل قال انه لا يعرف عنها شىء ولا ينبغى لنا التفكر فيها ولكن من خوفه فكر وقرر واقنع انه لا شىء سيحدث بعد الموت !
واظن هناك راى ثالث (ولكن اكثر متبنيه من البوذية والهندوسية وغيرها من العبادات الوثنية) يقول بتناسخ الارواح اى تذهب روحك الى شخص اخر ويقال فيها نوعان :اما ان لا تتذكر الروح شيئا من الجسد السابق و بالتالى تفقد شخصيتها. او ان تتذكر الروح كليا او جزئيا .
ولكن اغلب الملحدين يتبنون الراى الاول . واظن هناك راى رابع علمى فى المسالة وجارى البحث عنه
اذا سألت ملحد عن سر الحياة سيقول بكل ثقة :
هو الحياة الديناميكية التى تحرك اعضاء جسمك وهى بالتأكيد
ليست الروح التى تقول عنها الاديان .
واذا سألتة عن الموت سيقول :
هو نفس الاحساس قبل الولادة بالضبط..
بالنسبة لقولك ان أحد الملحدين يقول عن الموت إنه نفس الشعور الذى يكون قبل الولادة
أتمنى أن أعرف كيف يكون هذا الشعور ترى هل يتذكر الطفل كيف كانت حياته داخل رحم أمه وكذلك شعور الولادة ؟؟؟
شىء منافى للعلم أليس كذلك وهذا إن ددل يدل على جهل قول صاحبه
وقول ان الحياة هى الديناميكة التى تحرك الأعضاء ترى لماذا تتوقف هذه الديناميكية هل بسبب نقص تمويل البنزين ؟؟؟عفوا أقصد الغذاء
ترى لماذا يموت الناس على الرغم من أنهم يأكلون ولا يعانون الجوع ؟؟ بإستثناء طبعا من يوت جوعا
أنا أتكلم عن الذى يأكل ويمون جسمه جيدا ترى لماذا يموت فى إعتقاد الملحد؟؟ أوهام وتخيلات يسكت بها الملحد نفسه ويسكت بها الجزء الذى مازال به شعاع من ضوء فى عقله حتى يستمر فى إلحاده
وقد سألت أحدهم عن الموت فقال لى أن أحد أكاب رالملحدين قال ( وهو مؤمن بقول هذا الملحد ) إن الموت لا وجود له لأن الموت إذا جاء لن أكون موجود
ترى أن ذهب عندما جاءه الموت هل ذهب للسوق ليشترى خبزا مثلا ؟؟؟؟
وإنظر إلى سفاهه عقله فهو يقول ان الموت ليس موجود ثم يرجع ويقول عندما يأتنى الموت
ثانيا: الحياة بعد الموت :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملحد :
طبعا" عزيزي القارىء هذا السؤال يعتبر من أهم الأسئلة التي تلهب عقل الانسان منذ تكوّنه على هذه الكرة الأرضية حتى الآن,
و لكي تكون الاجابة شاملة و دقيقة يجب التطرّق الى عدة مواضيع و هي مرتبطة بعضها ببعض:
أولا" :
فكرة الروح: التي تعتقد بها جميع الأديان تقريبا" و هي مع احترامي لتلك الأديان وجودها منافيا" للمنطق عموما" و للعلم خصوصا" فليس هناك أي اثبات علمي على وجودها ( و أعتقد أنّه لن يكون هناك اثبات ) .
ثانيا" :
الخوف: انّ فكرة الحياة بعد الموت بدأت تتكوّن في عقل الانسان منذ بدء البشريّة, و قد تولدت عنده تلك الفكرة نتيجة خوفه من عدم الوجود أي أنّه لم يستطع تقبّل فكرة أنّه سيفقد شعوره بالوجود بعد مماته, لذا حاول جاهدا" أن يقنع نفسه بأنّ هناك حياة بعد الموت لكي يزيل هذا الشعور بالخوف, و من هنا بدأ الدّين بالتكوّن.
ثالثا" :
استمراريّة الدين: انّ فكرة الدين نشأت في معظم السلالات البشريّة حتى يومنا هذا على أساس واحد و هو أنّ الانسان المؤمن سيصلي و سيصوم و سيتعبّد لالهه فقط في حال كانت تلك الفكرة ( أي الحياة بعد الموت ) موجودة, لأنّه اذا ألغى الدّين فكرة الحياة بعد الموت سيجد المؤمن أنّ صلاته و صومه و تعبّده هم دون منفعة
( و هذه هي الحقيقة أصلا" ) لأنّه لا يقوم بتلك الأشياء فعليا" الا لأنّه يتوقّع أن يحصل في النهاية على تلك الحياة المنتظرة بعد مماته.لذا, اذا انتفى عنصر الحياة بعد الموت الذي تدّعيه الأديان يصبح الدّين في حدّ ذاته لاغيا".
في النهاية بديهيا" أنكم أعزائي القراء عرفتم أنني لا أؤمن بالحياة بعد الموت و أعتبر:
أنّ شعور الانسان بعد مماته هو نفس شعوره قبل ولادته, أي الشعور باللاشيء أو اللاوجود.
و أرجو أن تفكروا مليا" بتلك العبارة الأخيرة و خاصة" أولئك الذين يؤمنون بالحياة بعد الموت لكي يعرفوا حقيقة هذا العالم.
عزيزي المحترم ان كان لا اثبات لوجود روح فارجوا منك ان تعيد الحياة لمن مات .
ان كنت بحاجة الى اي قطعة غيار فسنقدمها لك مجانا
(الرجاء التجربة على غير بني البشر )
وبنصحك تجرب على اخوان دارون الشمبانزي.
**************************
تقول
اقتباس:
:ثانيا" :
الخوف: انّ فكرة الحياة بعد الموت بدأت تتكوّن في عقل الانسان منذ بدء البشريّة, و قد تولدت عنده تلك الفكرة نتيجة خوفه من عدم الوجود أي أنّه لم يستطع تقبّل فكرة أنّه سيفقد شعوره بالوجود بعد مماته, لذا حاول جاهدا" أن يقنع نفسه بأنّ هناك حياة بعد الموت لكي يزيل هذا الشعور بالخوف, و من هنا بدأ الدّين بالتكوّن.
عزيزي اظن ان الامر عكسيا فمن يؤمن بالاخرة يخاف ان يفسد في الارض في الدنيا ومن لا يؤمن بالاخرة فلن يبالي بما اتى اليس هذا الواقع ؟
****************************
اما استمرارية الدين فهو دليل على فشل الالحاد .
****************************
الحياة بعد الموت . الا تؤمن بها
اقتباس:
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)
اقتباس:
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً (48) وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (52)
اقتباس:
ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً (99)
اذا البداية غير موفقة , البحث يجب ان يكون عن الخالق اليس كذلك ؟
البعث بعد الموت :
ما أجمل هذه الأرض , فيها الشجر والحجر , فيها الحيوان والإنسان , نجد في كل شيء دلالة على علم وحكمة صانعه عز وجل , مضت قرون وتمضي أخرى , هكذا هي لا تدوم لأحد , فالموت يفني كل حي على الأرض ,فيرث الميت الحي , ولو دامت للميت لما ورثها الحي , قال سابق البربري:
إذا قضت زمر آجالها نزلت **على منازلهم من بعدها زمر
ننظر فيمن مضى ونقول كما قال ابن الوردي في لاميته :
كُتب الموت على الخلق فكم *** فلّ من جيش وأفنى من دول
أين نمرود وكنعان ومن *** ملك الأرض وولّى وعزل
أين من سادوا وشادوا وبنوا***هلك الكل ولم تغنِ القُلل
أين أرباب الحجى أهل النهى***أين أهل العلم والقوم الأُوَل
سيعيد الله كلاً منهم *** وسيجزي فاعلا ما قد فعل
فإن كان إبن الوردي أيقن بالبعث بعد الموت , فإن من الناس من ينكر ذلك , فيقول كيف يعيدها الله بعد أن تحللت تلك الأجسام , فبعضها في البر وبعضها في البحر وكم أحرق منها , ومرد الشبهة إلى القدرة على إعادة ما كان إلى ما هو عليه , فكان إنكار أهل الكفر والإلحاد قديما وحديثا على البعث أنهم تبلى وتتشتت أعضاؤهم وتتحلل فتصبح مادة أخرى فكيف يعود ذلك إلى جسده بعد تحلله وكيف يعود؟ وأنه يشاهد أحدا عاد بعد موته مع أن الأنبياء أخبروهم بالبعث ؟ وأخبرنا الله عن هؤلاء بقوله جل وعلا{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
وبمثل ذلك شبهة من أنكر البعث بالجسد فزعم إنها للروح دون الجسد , كالفلاسفة وبعض أهل البدع .
قال القحطاني في نونيته :
علم الفلاسفة الغواة طبيعة ////ومعاد أرواح بلا أبدان
لولا الطبيعة عندهم وفعالها ////لم يمش فوق الأرض من حيوان
ولم يكذب هؤلاء البعث إلا بعد عجز عقولهم عن إدراك ذلك بالمحسوس بزعمهم , فكيف يمكن لهذه الأجساد أن تعود ؟ . ولم يكن الأمر كما يظن هؤلاء , بل هو يدرك بالعقل , بنفس الطريقة التي حاولوا أن يستخدموها لنفي البعث , وبنفس أدواتهم الذين زعموها تنفي البعث, والقرآن الكريم , فيه آيات بينات واضحة تزيل إستشكلات هؤلاء وشبههم .
فإن إستشكالهم محصور في أمرين :
- إمكان أن يعاد الجسد كما كان .
- بعد اثبات الإساتطاعة تحديد من يستطيع .
عالج القران هذا الأمر في نفس الآيات , وكان الرد عليهم بما يشفي القلوب ويقنع العقول . فالوجود هو دليل الإمكان , ويقصد بذلك أن وجود أي شيء مشاهد . هو دليل أنه غير مستحيل , لأنه موجود ومشاهد . فدليل أمكان عودة الأجسام هو وجودها يوما على هذه الأرض , لذلك نجد أن الآيات تشير الى ذلك , وتذكر الناس به :
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }[يس/78] . فهذا أستشكل عودة الرميم ليكون جسدا , ونسي أنه خلق من قبل ولم يكن شيئا مذكورا , فكيف يستشكل إمكان عودة الجسم الى حاله وهو أصلا كان على حالته الأولى مثل ما هو عليه بعد أن بلي الجسد !!! إذا فخالقه أول مرة لا شك أنه قادر أن يعيده كما كان , وما يرونه من نشأة الجسد ونموه ثم موته وتحلله إلا أن يعرفوا بقدرة وحكمة من خلقه , فهو القادر على ذلك .
فخالق الشيء قادر على إعادة خلقه دون عجز سواء تحلل الجسد أم بقي على حاله , أو حتى لو أصبح شيئا آخر :
وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *
قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ [الإسراء/49، 51] فلو كنتم ترابا أو صرتم حجارة أو أصبحتم حديدا , فهذا وإن كان بعضه أصعب من بعض من قياس الناس إلا أن ذلك للله عز وجل سواء , فلا يعجزه صعب بني آدم ولا غيره .
فإن العظام تبلى ولكن العظام لم تكن يوما وخلقها ربها وكساها لحما وهذا اللحم والعظم إنما خلقه الله من هذه الأرض فهل يعجز من خلقهم أول مرة بإعادتهم كما كانوا ؟.بل هذا الأمر أذل من أن يعجز الخالق عز وجل ,فبين لهم أن القدرة موجودة لمن خلقهم أول مرة.
ثم بين الله لهم أمرا يخصهم ويفحم عقولهم , وهو أن من خلق الأعظم لا يعجز عن الأقل فيذكرهم بكبير القدر :{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا } [الإسراء/99] فبين لهم ما في الآية الأولى أن خالق الشيء لا يعجز أن يعيده وكذلك قرنها لهم بالسموات والأرض التي هي أعظم من خلق الناس { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [غافر/57]
فأيها الإنسان مهما نظرت إلى نفسك فلست إلا شيء قليل فانت اصغر من بعض المخلوقات وأقل قدرا كالسموات و الأرض فإن الله فالله عز وجل خلقكم من بعض ذلك الخلق وهي تربة الأرض ومائها .فتذكروا أول خلق أنه حدث والذي خلق الخلق يعيد الخلق تارة أخرى :{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء/104]
وتشابه قلوب أهل الإلحاد أولهم وآخرهم , فجعلوا إستمرار الحياة دليل على عدم البعث لأنه لم يعد أحد ممن مات :{ وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }[هود/7]
{ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
فبين الله لهم ذلك أنه ليس من ضروب السحر ولا من أساطير الأولين بل هو الحق المبين الذي تعرفه عقولهم وتطمئن له قلوبهم فبين عز وجل {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}فالخلق دليل على البعث لأن الخلق يحدث دائما وقولهم إنها أساطير الأولين هو بعد عن الحق إذ أن الخلق كله موجود والخلق كله بتصرف الخالق يجري فليس يخرج من سلطانه شيء فكيف يستبعد إعادة الإنسان بعد موته:
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) [المؤمنون/84-89]وعدم عودة الموتى إلى الحياة مرة أخرى في هذه الدنيا لهو دليل على أن من مات لا يعود إليها. فهو دليل أن الحياة والموت بيده عز وجل , إذ لوعاد دون إذن الله لكان دليلا على العشوائية , وعدم عودتهم إلى الدنيا دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,وأن الأمر لم يحدث بدون خالق مدبر عليم مسيطر على ما خلق , لان وجود الشيء هو دليل على أنه من الموجودات, والمخلوقات الموجودة لو لم كان وجودها بسبب , فإن عودتها ممكن بنفس السبب , واناس كلهم يفهموا ذلك فهم يسلموا أن الوجود دليل الإمكان , فلو تحقق شرط الخلق لعاد الشيء كما كان . فعدم عودة الموتى دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,لأنه مالك لسبب وجودهم وهو من أوجدهم عز وجل. بل هو دليل أن كل شيء مقدر بطريقة حكيمة : . فقد بين عز وجل ان من يموت لا يرجع الى هذه الدنيا الا باذنه فقال عز وجل :"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ" فبين الله عز وجل أن الحقيقة أن من يموت لا يرجع إلى الدنيا كما هو ممكن عند الدهرية الملاحدة فالحال دليل على أن الموت والحياة بيد الخالق عز وجل لا بيد الناس ولا مما تملكه الطبيعة , ولا يحق لهم الاعتراض على بعث الموت بحال الميت بعد موته وتحلل جسده بل خلقه ووجوده دليل على قدرة الخالق بإعادة الخلق مرة أخرى . وقد كان أهل الكفر والالحاد يسخرون من البعث ويرونه منافيا للعقول :" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)"
فبين الله لهم ضعف عقولهم وعدم تدبرهم بما حولهم ونسيانهم واقع حالهم " بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ " فاي ضلال اشد من عدم إدراك الإنسان لأصله ولحاله وإلى منزلته بالنسبة للخلق " أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "
وقد بين الله عز وجل ان أصل الانسان انه كان من شيء ميت تم خلقه خلقا بعد خلق حتى أصبح انسان سوي وهذا الخلق دليل على البعث والنشور :
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
فسبحان الله كيف تطيش عقولهم وتعمى ! فخلق الإنسان في بطن أمه أطوارا وخلقا بعد خلق لا يشبه بعضه بعض دليل على ذلك . فكل طور لا يشبه ما قبله , فان كان الانسان وجد الميت يصبح ترابا ,فإنه يرى التراب يصبح حيا, فإذا عاد الانسان ترابا فما المانع أن يرجع مرة أخرى كما خلق أول مرة وجاء الى هذه الدنيا !!!
ولعل أروع ما يدخل القلوب ويقنع أهل الإلحاد بالبعث ومقدرة الله عليه مثال يشاهدونه في كل عام ويشاهدونه بأشكال مختلفة :
"وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) فالإنسان يشاهد الزرع كيف يكون وكيف يصير وكيف يحي الله الأرض بعد موتها وهي صورة جميلة يراها الانسان دائما , فلفت إنتباهه لها وجعل قلبه مع الصورة الجمالية التي يرسمها القران في القلوب لتلك الأرض وكأنك ترى ذلك بأم عينك , ثم بعد ذلك يخبرك أن هذه الصورة التي ابهجت قلبك وسلمت لها هي نفس الصورة التي أنكرتها بالنسبة للبعث فهو أسلوب للقران صورة مختصرة يسمعها الإنسان فيفهما ويعتبر يرى أن المشهود دليل على الموعود . "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) "كذلك يخرج الله الموتى وهو قياس تقبله العقول ومشاهدة الأرض تحيا بعد الموت.حتى أن العقول أصبحت لا تستنكرها من كثرة تكرارها في الحياة , قال تعالى:" اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) "
فالرياح تثير السحاب والأمطار تنزل على الأرض الميتة فينبت الزرع , صورة جميلة ترسم في القلوب وتدركها كل العقول . وهذه الصورة ليست للتذكير فقط بل هي للتذكير بالبعث :فأنظر أيها الإنسان كيف يحي الله الأرض بعد موتها ,إن الله الذي أحيا الأرض هو نفسه الذي سيحيي الموتى وهو قادر أصلا على كل شيء . فاذا نظرنا الى الرياح كيف تثير السحاب وكيف يسوقه الله إلى أرض بعيدة قاحلة وكيف ينزل عليها المطر فتنبت الأرض وتهيج . لا ننكرها بل نقبلها وهذه الصورة تحدث في أشهر حتى تكتمل فألإيجاز دليل على وضوح الصورة عند الناس والعبرة بسيطة سهلة يعتبر بها كل ذي لب :" إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى " وهذه الصورة هي صورة مقابلة لما يحدث للناس فالانسان يكون ميتا ثم يحيه الله ويميته ثم يحي آخرين , وكذا الزرع يكون بذرة فيسقى الماء فينبت , ثم يصفر ويصبح هشيما تذروه الرياح , ثم يعود كم بدأ ثم يعاود ذلك , فهذه صورة تمر على كل إنسان في حياته يراها ولا ينكرها فلو سألناه بعد أيام لا يكون نبات هنا؟ هل يمكن ان تنبت هذه الأرض ؟ فإنه لن يتردد بالإجابة بنعم , لا لشيء وإنما لأنه شاهدها . كيف لا يكون ذلك في الانسان أيضا وهو يرى الموت والحياة كل يوم .
فأي عاقل ينكر البعث بعد هذه الادلة عليه ؟
ومن اسلوب القران في اثبات البعث , أن يرد عليهم شبهتهم بعدة طرق منها ما سبق ومنها ما يكون تذكيرا لهم بما حولهم وبطرق عدة بحيث أن الأنسان لا يجد أمامه إلا التسليم لأن الجواب تقبله العقول وتدركه حواسهم .مثال ذلك قوله تعالى :
قال العزيز الحكيم " أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) "
وعند ضرب الكفار مثلا عن هذه العظام البالية وإستشهادهم بتحلل الجسم إذ لم تستطيع عقولهم تخيل كيف ستعود الحياة فيها مرة أخرى بين الله لهم ذلك من وجوه :
--الأول أن أصل الإنسان نطفة فلو تذكر أصله وعلم حاله لما أنكر بعث الميت من بعد تحلله . وأعظم ما يلفت الإنتباه إليه أنه كان نطفة لا قيمة لها ولم يكن شيئا مذكورا حتى إذا خلقه الله في بطن أمه خلقا بعد خلق نرل طفلا وتعلم وكبر حتى أصبح يخاصم في كل شيء ناسيا أصله ومآله" أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ "
--الثاني انه عند سؤاله نسي أنه مخلوق بعد أن لم يكن أي أن وجوده دليل على إمكان إعادته وسبقت الإشارة لذلك سابقا, وهو كقوله تعالى :"هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)" " قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) " فاذا نظر الانسان لخلقه وأنه أصبح موجودا ولم يكن قبل ذلك شيئا مذكورا علم أن بعثه بعد موته أمر يشهد عليه وجوده وأن الأصل هو أن الخالق عنده القدرة على ذلك ودليلها وجود الإنسان نفسه ."وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ "
--الثالث : أن أصل الأمر ومرده إلى قدرة الله لأنه نفسه الذي سيحيها وهو الذي سيبعثها .وهو عليم بخلقها قادر عليها ."قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ "والخالق عز وجل أخبر بأنه سيفعل . وعلمه بذلك وقدرته عليه تكفي للأجابة عند العقلاء.
--الرابع: لفت نظر الانسان الى قدرة الله عز وجل وكيف أنه يخرج الحي من الميت والميت من الحي وكيف يجعل الشجر الأخضر الرطب الذي يستظل بظله نارا تبعث الدفئ بالنفوس ويطهى عليها أنواع الطعام . فهي من ما يستظل بظلها من ما يتقى حره" الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ", وخلاصتها أن الله عز وجل خلق من الشيء ضده فلا يعجزه أن يفعل ذلك متى شاء عز وجل .
--الخامس: أن الذي خلق السموات والأرض لا يعجز عن إعادة خلقها فكيف بهذا الإنسان الذي لا يقارن بخلق السماء ولا الأرض:" لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ " فأي مقارنة لبعث الإنسان مع هذا الخلق" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ "
--السادس : إن الله عز وجل لا يعجزه شيء ولكن تشبيه الناس لربهم بأشخاص عجز مثلهم هو ما يوهمهم ذلك "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ "فهم شبهوا الخالق بما يشركوا وبضعفهم تعالى الله عما يشركون وتعالى عما يصفون علوا كبيرا فالله عز وجل إنما يأمر الشيء فينقاد الشيء لخالقه كيفما أراد فلا يعجزه شيء عز وجل ويستوي عنده خلق نفس أو خلق أنفس كما قال الله عز وجل :"مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)" " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"
السابع : إن إنقياد الشيء لخالقه أمر لا محالة له إذ بيده عز وجل ملكوت كل شيء لا بعضه وإنما أخر الناس لأجل معلوم عنده عز وجل" فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
إذا أنكار البعث حقيقة لا يكون بسبب العجز لأن الذي فعل شيء لا يعجز على إعادته كما كان. والخالق الذي خلق الشيء العظيم كالسموات والأرض لا يعجز عن خلق شيء منهما ولا أقل منهما , وقد بين الله لنا صورة البعث في الزرع الذي نراه في حياتنا .
وخلاصة القول أن الخلق دليل على القدرة . وإعادة الشيء إلى حاله لا يعجز عنه من صنع أول مرة . وهذه تقبلها العقول دائما بتوفر الحال الأول من قدرة الخالق وارادته عز وجل .
كلما أفكر بالموت .... ينتابني شعور غــريب ... شعور يجعلني بأن في هذا الكون سر غريب ... شعور يجعلني أشعر بأن إلحادي ليس له معنى ... أشعر بأني قد أضعت عمري دون جدوى ... أشعر بأني مقصر .... أشعر بأني خــــاسر !!!!
هذه ملخص كلمات بروفيسوري ... ألماني الأصل ... وملحد ..
أولا : إعتقاد املاحدة في الموت :
فمن الملحدين من يقول :
ان الانسان قد مات من قبل بالفعل . وان ما سيحدث لنا بعد الموت هو امر عادى لاننا مررنا به من قبل وذلك قبل ولادتنا لما كنا عدم ولم نكن نشعر بشىء . لهذا بعد موتنا سنعود الى ذلك العدم ولن نشعربشىء
وقد شبه احدهم هذا الشعور مثل ال on و off فى الكهرباء (محاولة تخديرية)
ومنهم من يحاول ان ينسى هذه المسالة تماما فيقول لك عش حياتك كما تريد ولا تفكر فى الموت فنحن لانعرف عنه شىء فلماذا التفكر فيه ؟ ولا ننسى (محاولات التخدير) حيث يقول وعندما نموت سنكتشف وقتها انه لا يوجد عذاب ولا عقاب .
سبحان الله على التناقض منذ قليل قال انه لا يعرف عنها شىء ولا ينبغى لنا التفكر فيها ولكن من خوفه فكر وقرر واقنع انه لا شىء سيحدث بعد الموت !
واظن هناك راى ثالث (ولكن اكثر متبنيه من البوذية والهندوسية وغيرها من العبادات الوثنية) يقول بتناسخ الارواح اى تذهب روحك الى شخص اخر ويقال فيها نوعان :اما ان لا تتذكر الروح شيئا من الجسد السابق و بالتالى تفقد شخصيتها. او ان تتذكر الروح كليا او جزئيا .
ولكن اغلب الملحدين يتبنون الراى الاول . واظن هناك راى رابع علمى فى المسالة وجارى البحث عنه
اذا سألت ملحد عن سر الحياة سيقول بكل ثقة :
هو الحياة الديناميكية التى تحرك اعضاء جسمك وهى بالتأكيد
ليست الروح التى تقول عنها الاديان .
واذا سألتة عن الموت سيقول :
هو نفس الاحساس قبل الولادة بالضبط..
بالنسبة لقولك ان أحد الملحدين يقول عن الموت إنه نفس الشعور الذى يكون قبل الولادة
أتمنى أن أعرف كيف يكون هذا الشعور ترى هل يتذكر الطفل كيف كانت حياته داخل رحم أمه وكذلك شعور الولادة ؟؟؟
شىء منافى للعلم أليس كذلك وهذا إن ددل يدل على جهل قول صاحبه
وقول ان الحياة هى الديناميكة التى تحرك الأعضاء ترى لماذا تتوقف هذه الديناميكية هل بسبب نقص تمويل البنزين ؟؟؟عفوا أقصد الغذاء
ترى لماذا يموت الناس على الرغم من أنهم يأكلون ولا يعانون الجوع ؟؟ بإستثناء طبعا من يوت جوعا
أنا أتكلم عن الذى يأكل ويمون جسمه جيدا ترى لماذا يموت فى إعتقاد الملحد؟؟ أوهام وتخيلات يسكت بها الملحد نفسه ويسكت بها الجزء الذى مازال به شعاع من ضوء فى عقله حتى يستمر فى إلحاده
وقد سألت أحدهم عن الموت فقال لى أن أحد أكاب رالملحدين قال ( وهو مؤمن بقول هذا الملحد ) إن الموت لا وجود له لأن الموت إذا جاء لن أكون موجود
ترى أن ذهب عندما جاءه الموت هل ذهب للسوق ليشترى خبزا مثلا ؟؟؟؟
وإنظر إلى سفاهه عقله فهو يقول ان الموت ليس موجود ثم يرجع ويقول عندما يأتنى الموت
ثانيا: الحياة بعد الموت :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ملحد :
طبعا" عزيزي القارىء هذا السؤال يعتبر من أهم الأسئلة التي تلهب عقل الانسان منذ تكوّنه على هذه الكرة الأرضية حتى الآن,
و لكي تكون الاجابة شاملة و دقيقة يجب التطرّق الى عدة مواضيع و هي مرتبطة بعضها ببعض:
أولا" :
فكرة الروح: التي تعتقد بها جميع الأديان تقريبا" و هي مع احترامي لتلك الأديان وجودها منافيا" للمنطق عموما" و للعلم خصوصا" فليس هناك أي اثبات علمي على وجودها ( و أعتقد أنّه لن يكون هناك اثبات ) .
ثانيا" :
الخوف: انّ فكرة الحياة بعد الموت بدأت تتكوّن في عقل الانسان منذ بدء البشريّة, و قد تولدت عنده تلك الفكرة نتيجة خوفه من عدم الوجود أي أنّه لم يستطع تقبّل فكرة أنّه سيفقد شعوره بالوجود بعد مماته, لذا حاول جاهدا" أن يقنع نفسه بأنّ هناك حياة بعد الموت لكي يزيل هذا الشعور بالخوف, و من هنا بدأ الدّين بالتكوّن.
ثالثا" :
استمراريّة الدين: انّ فكرة الدين نشأت في معظم السلالات البشريّة حتى يومنا هذا على أساس واحد و هو أنّ الانسان المؤمن سيصلي و سيصوم و سيتعبّد لالهه فقط في حال كانت تلك الفكرة ( أي الحياة بعد الموت ) موجودة, لأنّه اذا ألغى الدّين فكرة الحياة بعد الموت سيجد المؤمن أنّ صلاته و صومه و تعبّده هم دون منفعة
( و هذه هي الحقيقة أصلا" ) لأنّه لا يقوم بتلك الأشياء فعليا" الا لأنّه يتوقّع أن يحصل في النهاية على تلك الحياة المنتظرة بعد مماته.لذا, اذا انتفى عنصر الحياة بعد الموت الذي تدّعيه الأديان يصبح الدّين في حدّ ذاته لاغيا".
في النهاية بديهيا" أنكم أعزائي القراء عرفتم أنني لا أؤمن بالحياة بعد الموت و أعتبر:
أنّ شعور الانسان بعد مماته هو نفس شعوره قبل ولادته, أي الشعور باللاشيء أو اللاوجود.
و أرجو أن تفكروا مليا" بتلك العبارة الأخيرة و خاصة" أولئك الذين يؤمنون بالحياة بعد الموت لكي يعرفوا حقيقة هذا العالم.
عزيزي المحترم ان كان لا اثبات لوجود روح فارجوا منك ان تعيد الحياة لمن مات .
ان كنت بحاجة الى اي قطعة غيار فسنقدمها لك مجانا
(الرجاء التجربة على غير بني البشر )
وبنصحك تجرب على اخوان دارون الشمبانزي.
**************************
تقول
اقتباس:
:ثانيا" :
الخوف: انّ فكرة الحياة بعد الموت بدأت تتكوّن في عقل الانسان منذ بدء البشريّة, و قد تولدت عنده تلك الفكرة نتيجة خوفه من عدم الوجود أي أنّه لم يستطع تقبّل فكرة أنّه سيفقد شعوره بالوجود بعد مماته, لذا حاول جاهدا" أن يقنع نفسه بأنّ هناك حياة بعد الموت لكي يزيل هذا الشعور بالخوف, و من هنا بدأ الدّين بالتكوّن.
عزيزي اظن ان الامر عكسيا فمن يؤمن بالاخرة يخاف ان يفسد في الارض في الدنيا ومن لا يؤمن بالاخرة فلن يبالي بما اتى اليس هذا الواقع ؟
****************************
اما استمرارية الدين فهو دليل على فشل الالحاد .
****************************
الحياة بعد الموت . الا تؤمن بها
اقتباس:
اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)
اقتباس:
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً (48) وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (52)
اقتباس:
ذَلِكَ جَزَآؤُهُم بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98) أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ اللّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لاَّ رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُوراً (99)
اذا البداية غير موفقة , البحث يجب ان يكون عن الخالق اليس كذلك ؟
البعث بعد الموت :
ما أجمل هذه الأرض , فيها الشجر والحجر , فيها الحيوان والإنسان , نجد في كل شيء دلالة على علم وحكمة صانعه عز وجل , مضت قرون وتمضي أخرى , هكذا هي لا تدوم لأحد , فالموت يفني كل حي على الأرض ,فيرث الميت الحي , ولو دامت للميت لما ورثها الحي , قال سابق البربري:
إذا قضت زمر آجالها نزلت **على منازلهم من بعدها زمر
ننظر فيمن مضى ونقول كما قال ابن الوردي في لاميته :
كُتب الموت على الخلق فكم *** فلّ من جيش وأفنى من دول
أين نمرود وكنعان ومن *** ملك الأرض وولّى وعزل
أين من سادوا وشادوا وبنوا***هلك الكل ولم تغنِ القُلل
أين أرباب الحجى أهل النهى***أين أهل العلم والقوم الأُوَل
سيعيد الله كلاً منهم *** وسيجزي فاعلا ما قد فعل
فإن كان إبن الوردي أيقن بالبعث بعد الموت , فإن من الناس من ينكر ذلك , فيقول كيف يعيدها الله بعد أن تحللت تلك الأجسام , فبعضها في البر وبعضها في البحر وكم أحرق منها , ومرد الشبهة إلى القدرة على إعادة ما كان إلى ما هو عليه , فكان إنكار أهل الكفر والإلحاد قديما وحديثا على البعث أنهم تبلى وتتشتت أعضاؤهم وتتحلل فتصبح مادة أخرى فكيف يعود ذلك إلى جسده بعد تحلله وكيف يعود؟ وأنه يشاهد أحدا عاد بعد موته مع أن الأنبياء أخبروهم بالبعث ؟ وأخبرنا الله عن هؤلاء بقوله جل وعلا{بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
وبمثل ذلك شبهة من أنكر البعث بالجسد فزعم إنها للروح دون الجسد , كالفلاسفة وبعض أهل البدع .
قال القحطاني في نونيته :
علم الفلاسفة الغواة طبيعة ////ومعاد أرواح بلا أبدان
لولا الطبيعة عندهم وفعالها ////لم يمش فوق الأرض من حيوان
ولم يكذب هؤلاء البعث إلا بعد عجز عقولهم عن إدراك ذلك بالمحسوس بزعمهم , فكيف يمكن لهذه الأجساد أن تعود ؟ . ولم يكن الأمر كما يظن هؤلاء , بل هو يدرك بالعقل , بنفس الطريقة التي حاولوا أن يستخدموها لنفي البعث , وبنفس أدواتهم الذين زعموها تنفي البعث, والقرآن الكريم , فيه آيات بينات واضحة تزيل إستشكلات هؤلاء وشبههم .
فإن إستشكالهم محصور في أمرين :
- إمكان أن يعاد الجسد كما كان .
- بعد اثبات الإساتطاعة تحديد من يستطيع .
عالج القران هذا الأمر في نفس الآيات , وكان الرد عليهم بما يشفي القلوب ويقنع العقول . فالوجود هو دليل الإمكان , ويقصد بذلك أن وجود أي شيء مشاهد . هو دليل أنه غير مستحيل , لأنه موجود ومشاهد . فدليل أمكان عودة الأجسام هو وجودها يوما على هذه الأرض , لذلك نجد أن الآيات تشير الى ذلك , وتذكر الناس به :
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ }[يس/78] . فهذا أستشكل عودة الرميم ليكون جسدا , ونسي أنه خلق من قبل ولم يكن شيئا مذكورا , فكيف يستشكل إمكان عودة الجسم الى حاله وهو أصلا كان على حالته الأولى مثل ما هو عليه بعد أن بلي الجسد !!! إذا فخالقه أول مرة لا شك أنه قادر أن يعيده كما كان , وما يرونه من نشأة الجسد ونموه ثم موته وتحلله إلا أن يعرفوا بقدرة وحكمة من خلقه , فهو القادر على ذلك .
فخالق الشيء قادر على إعادة خلقه دون عجز سواء تحلل الجسد أم بقي على حاله , أو حتى لو أصبح شيئا آخر :
وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *
قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ [الإسراء/49، 51] فلو كنتم ترابا أو صرتم حجارة أو أصبحتم حديدا , فهذا وإن كان بعضه أصعب من بعض من قياس الناس إلا أن ذلك للله عز وجل سواء , فلا يعجزه صعب بني آدم ولا غيره .
فإن العظام تبلى ولكن العظام لم تكن يوما وخلقها ربها وكساها لحما وهذا اللحم والعظم إنما خلقه الله من هذه الأرض فهل يعجز من خلقهم أول مرة بإعادتهم كما كانوا ؟.بل هذا الأمر أذل من أن يعجز الخالق عز وجل ,فبين لهم أن القدرة موجودة لمن خلقهم أول مرة.
ثم بين الله لهم أمرا يخصهم ويفحم عقولهم , وهو أن من خلق الأعظم لا يعجز عن الأقل فيذكرهم بكبير القدر :{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا } [الإسراء/99] فبين لهم ما في الآية الأولى أن خالق الشيء لا يعجز أن يعيده وكذلك قرنها لهم بالسموات والأرض التي هي أعظم من خلق الناس { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [غافر/57]
فأيها الإنسان مهما نظرت إلى نفسك فلست إلا شيء قليل فانت اصغر من بعض المخلوقات وأقل قدرا كالسموات و الأرض فإن الله فالله عز وجل خلقكم من بعض ذلك الخلق وهي تربة الأرض ومائها .فتذكروا أول خلق أنه حدث والذي خلق الخلق يعيد الخلق تارة أخرى :{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء/104]
وتشابه قلوب أهل الإلحاد أولهم وآخرهم , فجعلوا إستمرار الحياة دليل على عدم البعث لأنه لم يعد أحد ممن مات :{ وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ }[هود/7]
{ بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ (81) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ } [المؤمنون/81-83]
فبين الله لهم ذلك أنه ليس من ضروب السحر ولا من أساطير الأولين بل هو الحق المبين الذي تعرفه عقولهم وتطمئن له قلوبهم فبين عز وجل {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (79) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (80)}فالخلق دليل على البعث لأن الخلق يحدث دائما وقولهم إنها أساطير الأولين هو بعد عن الحق إذ أن الخلق كله موجود والخلق كله بتصرف الخالق يجري فليس يخرج من سلطانه شيء فكيف يستبعد إعادة الإنسان بعد موته:
قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) [المؤمنون/84-89]وعدم عودة الموتى إلى الحياة مرة أخرى في هذه الدنيا لهو دليل على أن من مات لا يعود إليها. فهو دليل أن الحياة والموت بيده عز وجل , إذ لوعاد دون إذن الله لكان دليلا على العشوائية , وعدم عودتهم إلى الدنيا دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,وأن الأمر لم يحدث بدون خالق مدبر عليم مسيطر على ما خلق , لان وجود الشيء هو دليل على أنه من الموجودات, والمخلوقات الموجودة لو لم كان وجودها بسبب , فإن عودتها ممكن بنفس السبب , واناس كلهم يفهموا ذلك فهم يسلموا أن الوجود دليل الإمكان , فلو تحقق شرط الخلق لعاد الشيء كما كان . فعدم عودة الموتى دليل على أن الذي خلقهم لم يعيدهم ,لأنه مالك لسبب وجودهم وهو من أوجدهم عز وجل. بل هو دليل أن كل شيء مقدر بطريقة حكيمة : . فقد بين عز وجل ان من يموت لا يرجع الى هذه الدنيا الا باذنه فقال عز وجل :"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ" فبين الله عز وجل أن الحقيقة أن من يموت لا يرجع إلى الدنيا كما هو ممكن عند الدهرية الملاحدة فالحال دليل على أن الموت والحياة بيد الخالق عز وجل لا بيد الناس ولا مما تملكه الطبيعة , ولا يحق لهم الاعتراض على بعث الموت بحال الميت بعد موته وتحلل جسده بل خلقه ووجوده دليل على قدرة الخالق بإعادة الخلق مرة أخرى . وقد كان أهل الكفر والالحاد يسخرون من البعث ويرونه منافيا للعقول :" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ ( أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)"
فبين الله لهم ضعف عقولهم وعدم تدبرهم بما حولهم ونسيانهم واقع حالهم " بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ " فاي ضلال اشد من عدم إدراك الإنسان لأصله ولحاله وإلى منزلته بالنسبة للخلق " أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ "
وقد بين الله عز وجل ان أصل الانسان انه كان من شيء ميت تم خلقه خلقا بعد خلق حتى أصبح انسان سوي وهذا الخلق دليل على البعث والنشور :
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
فسبحان الله كيف تطيش عقولهم وتعمى ! فخلق الإنسان في بطن أمه أطوارا وخلقا بعد خلق لا يشبه بعضه بعض دليل على ذلك . فكل طور لا يشبه ما قبله , فان كان الانسان وجد الميت يصبح ترابا ,فإنه يرى التراب يصبح حيا, فإذا عاد الانسان ترابا فما المانع أن يرجع مرة أخرى كما خلق أول مرة وجاء الى هذه الدنيا !!!
ولعل أروع ما يدخل القلوب ويقنع أهل الإلحاد بالبعث ومقدرة الله عليه مثال يشاهدونه في كل عام ويشاهدونه بأشكال مختلفة :
"وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) فالإنسان يشاهد الزرع كيف يكون وكيف يصير وكيف يحي الله الأرض بعد موتها وهي صورة جميلة يراها الانسان دائما , فلفت إنتباهه لها وجعل قلبه مع الصورة الجمالية التي يرسمها القران في القلوب لتلك الأرض وكأنك ترى ذلك بأم عينك , ثم بعد ذلك يخبرك أن هذه الصورة التي ابهجت قلبك وسلمت لها هي نفس الصورة التي أنكرتها بالنسبة للبعث فهو أسلوب للقران صورة مختصرة يسمعها الإنسان فيفهما ويعتبر يرى أن المشهود دليل على الموعود . "وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (57) "كذلك يخرج الله الموتى وهو قياس تقبله العقول ومشاهدة الأرض تحيا بعد الموت.حتى أن العقول أصبحت لا تستنكرها من كثرة تكرارها في الحياة , قال تعالى:" اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) "
فالرياح تثير السحاب والأمطار تنزل على الأرض الميتة فينبت الزرع , صورة جميلة ترسم في القلوب وتدركها كل العقول . وهذه الصورة ليست للتذكير فقط بل هي للتذكير بالبعث :فأنظر أيها الإنسان كيف يحي الله الأرض بعد موتها ,إن الله الذي أحيا الأرض هو نفسه الذي سيحيي الموتى وهو قادر أصلا على كل شيء . فاذا نظرنا الى الرياح كيف تثير السحاب وكيف يسوقه الله إلى أرض بعيدة قاحلة وكيف ينزل عليها المطر فتنبت الأرض وتهيج . لا ننكرها بل نقبلها وهذه الصورة تحدث في أشهر حتى تكتمل فألإيجاز دليل على وضوح الصورة عند الناس والعبرة بسيطة سهلة يعتبر بها كل ذي لب :" إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى " وهذه الصورة هي صورة مقابلة لما يحدث للناس فالانسان يكون ميتا ثم يحيه الله ويميته ثم يحي آخرين , وكذا الزرع يكون بذرة فيسقى الماء فينبت , ثم يصفر ويصبح هشيما تذروه الرياح , ثم يعود كم بدأ ثم يعاود ذلك , فهذه صورة تمر على كل إنسان في حياته يراها ولا ينكرها فلو سألناه بعد أيام لا يكون نبات هنا؟ هل يمكن ان تنبت هذه الأرض ؟ فإنه لن يتردد بالإجابة بنعم , لا لشيء وإنما لأنه شاهدها . كيف لا يكون ذلك في الانسان أيضا وهو يرى الموت والحياة كل يوم .
فأي عاقل ينكر البعث بعد هذه الادلة عليه ؟
ومن اسلوب القران في اثبات البعث , أن يرد عليهم شبهتهم بعدة طرق منها ما سبق ومنها ما يكون تذكيرا لهم بما حولهم وبطرق عدة بحيث أن الأنسان لا يجد أمامه إلا التسليم لأن الجواب تقبله العقول وتدركه حواسهم .مثال ذلك قوله تعالى :
قال العزيز الحكيم " أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) "
وعند ضرب الكفار مثلا عن هذه العظام البالية وإستشهادهم بتحلل الجسم إذ لم تستطيع عقولهم تخيل كيف ستعود الحياة فيها مرة أخرى بين الله لهم ذلك من وجوه :
--الأول أن أصل الإنسان نطفة فلو تذكر أصله وعلم حاله لما أنكر بعث الميت من بعد تحلله . وأعظم ما يلفت الإنتباه إليه أنه كان نطفة لا قيمة لها ولم يكن شيئا مذكورا حتى إذا خلقه الله في بطن أمه خلقا بعد خلق نرل طفلا وتعلم وكبر حتى أصبح يخاصم في كل شيء ناسيا أصله ومآله" أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ "
--الثاني انه عند سؤاله نسي أنه مخلوق بعد أن لم يكن أي أن وجوده دليل على إمكان إعادته وسبقت الإشارة لذلك سابقا, وهو كقوله تعالى :"هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)" " قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) " فاذا نظر الانسان لخلقه وأنه أصبح موجودا ولم يكن قبل ذلك شيئا مذكورا علم أن بعثه بعد موته أمر يشهد عليه وجوده وأن الأصل هو أن الخالق عنده القدرة على ذلك ودليلها وجود الإنسان نفسه ."وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ "
--الثالث : أن أصل الأمر ومرده إلى قدرة الله لأنه نفسه الذي سيحيها وهو الذي سيبعثها .وهو عليم بخلقها قادر عليها ."قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ "والخالق عز وجل أخبر بأنه سيفعل . وعلمه بذلك وقدرته عليه تكفي للأجابة عند العقلاء.
--الرابع: لفت نظر الانسان الى قدرة الله عز وجل وكيف أنه يخرج الحي من الميت والميت من الحي وكيف يجعل الشجر الأخضر الرطب الذي يستظل بظله نارا تبعث الدفئ بالنفوس ويطهى عليها أنواع الطعام . فهي من ما يستظل بظلها من ما يتقى حره" الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ", وخلاصتها أن الله عز وجل خلق من الشيء ضده فلا يعجزه أن يفعل ذلك متى شاء عز وجل .
--الخامس: أن الذي خلق السموات والأرض لا يعجز عن إعادة خلقها فكيف بهذا الإنسان الذي لا يقارن بخلق السماء ولا الأرض:" لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ " فأي مقارنة لبعث الإنسان مع هذا الخلق" أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ "
--السادس : إن الله عز وجل لا يعجزه شيء ولكن تشبيه الناس لربهم بأشخاص عجز مثلهم هو ما يوهمهم ذلك "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ "فهم شبهوا الخالق بما يشركوا وبضعفهم تعالى الله عما يشركون وتعالى عما يصفون علوا كبيرا فالله عز وجل إنما يأمر الشيء فينقاد الشيء لخالقه كيفما أراد فلا يعجزه شيء عز وجل ويستوي عنده خلق نفس أو خلق أنفس كما قال الله عز وجل :"مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)" " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ"
السابع : إن إنقياد الشيء لخالقه أمر لا محالة له إذ بيده عز وجل ملكوت كل شيء لا بعضه وإنما أخر الناس لأجل معلوم عنده عز وجل" فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
إذا أنكار البعث حقيقة لا يكون بسبب العجز لأن الذي فعل شيء لا يعجز على إعادته كما كان. والخالق الذي خلق الشيء العظيم كالسموات والأرض لا يعجز عن خلق شيء منهما ولا أقل منهما , وقد بين الله لنا صورة البعث في الزرع الذي نراه في حياتنا .
وخلاصة القول أن الخلق دليل على القدرة . وإعادة الشيء إلى حاله لا يعجز عنه من صنع أول مرة . وهذه تقبلها العقول دائما بتوفر الحال الأول من قدرة الخالق وارادته عز وجل .
تعاليق
الثلاثاء مارس 09, 2010 1:12 pm
أسئلة بسيطة في النهاية :
1. لو كان الإنسان يعيش ليموت ولا يحدث بعد ذلك شيئ ، لماذا وجد أصلا ؟؟
2.هناك أشخاص يقومون بظلم اشخاص آخرين ويموتون وهم لم يحاكموا ، فهل سيموتون بدون حساب ؟؟ هل هذا ما يستحقون ؟؟
3. لو كانت الحياة عبثا وبلا حساب لماذا لم تخير الصدفة هذا الإنسان ليختار جنسه وعائلته ونسبه ولونه ؟؟ لأنه لن يجازى بصبره شيئا ..
4.ماهو الشيئ الذي ينظر إليه الإنسان وهو يحتضر ؟ولماذا يختلف شكل الإنسان العاصي عن الإنسان المؤمن؟
5. لماذا يخاف الملحد من الموت ؟؟ وهو لن يحاسب؟؟
6.ماهي الصدفة التي جعلت هذا الكون بهذا الجمال ، هل هي فائقة الذكاء ؟؟ ومم تتكون ؟؟
7.هل بماذا يختلف الحي عن الميت ، ماهو الشيئ الذي جعل الحي يتحرك والميت لا يتحرك ؟؟
8.هل تستطيع الصدفة ان ترينا ماذا فوق السماء الرابعة ؟؟
نكتفي بــــ 8 أسئلة ..
والله الموفق ..
عدل سابقا من قبل BIG_K في الثلاثاء مارس 09, 2010 6:40 pm عدل 2 مرات
1. لو كان الإنسان يعيش ليموت ولا يحدث بعد ذلك شيئ ، لماذا وجد أصلا ؟؟
2.هناك أشخاص يقومون بظلم اشخاص آخرين ويموتون وهم لم يحاكموا ، فهل سيموتون بدون حساب ؟؟ هل هذا ما يستحقون ؟؟
3. لو كانت الحياة عبثا وبلا حساب لماذا لم تخير الصدفة هذا الإنسان ليختار جنسه وعائلته ونسبه ولونه ؟؟ لأنه لن يجازى بصبره شيئا ..
4.ماهو الشيئ الذي ينظر إليه الإنسان وهو يحتضر ؟ولماذا يختلف شكل الإنسان العاصي عن الإنسان المؤمن؟
5. لماذا يخاف الملحد من الموت ؟؟ وهو لن يحاسب؟؟
6.ماهي الصدفة التي جعلت هذا الكون بهذا الجمال ، هل هي فائقة الذكاء ؟؟ ومم تتكون ؟؟
7.هل بماذا يختلف الحي عن الميت ، ماهو الشيئ الذي جعل الحي يتحرك والميت لا يتحرك ؟؟
8.هل تستطيع الصدفة ان ترينا ماذا فوق السماء الرابعة ؟؟
نكتفي بــــ 8 أسئلة ..
والله الموفق ..
عدل سابقا من قبل BIG_K في الثلاثاء مارس 09, 2010 6:40 pm عدل 2 مرات
الثلاثاء مارس 09, 2010 3:22 pm
جزاك الله خير ، موضوع مفيد ..
جعله الله في ميزان حسناتك .
جعله الله في ميزان حسناتك .
الأحد أبريل 18, 2010 7:03 pm
جزاك الله خيرا
الثلاثاء يوليو 06, 2010 12:22 am
keep it up
الجمعة سبتمبر 17, 2010 5:13 pm
ولد الرفاع
سلمان الرميحي
لطيفة خالد
وياكم ان شالله =)
سلمان الرميحي
لطيفة خالد
وياكم ان شالله =)
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
فتوى :
هل يتم إعادة خلق الإنسان على أي شكل آخر بعد موته وحتى يوم القيامة ؟.
الحمد لله
إذا مات ابن آدم تحلَّل جسده وفني إلا عجْب الذنب وهي عظم في أسفل الظهر ، فإذا قامت القيامة أنبت الله تعالى الأجساد بمطر على الأرض يُنبت الأجساد من هذا العظم فيعود خلق الإنسان كما كان قبل موته .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين النفختين أربعون . قال : أربعون يوما ؟ قال : أبيتُ ، قال : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت ، قال : أربعون سنة ؟ قال : أبيت .
قال : ثم يُنزل اللهُ من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظماً واحداً وهو عجْب الذنَب ومنه يركب الخلق يوم القيامة . رواه البخاري ( 4651 ) ومسلم ( 2955 ) .
قال النووي :
قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين النفختين أربعون قالوا : يا أبا هريرة أربعين يوما قال : أبيت . . . إلى آخره ) معناه : أبيتُ أن أجزم أن المراد أربعون يوماً ، أو سنةً ، أو شهراً ، بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة ، وقد جاءت مفسرة من رواية غيره في غير مسلم أربعون سنة .
قوله : ( عجَب الذنَب ) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب ، وهو رأس العصعص ، ويقال له ( عجم ) بالميم ، وهو أول ما يخلق من الآدمي ، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه . " شرح مسلم " ( 18 / 92 ) .
وإذا خرج من قبره وحشر وحوسب يبقى جسده كما كان قبل موته ، فإذا دخل أهل الجنة الجنَّةَ ، ودخل أهل النار النارَ غيَّر الله صُوَرهم وأشكالهم .
صفة أهل النار :
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع " . رواه البخاري ( 6186 ) ومسلم ( 2852 ) .
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ضرس الكافر - أو : ناب الكافر - مثل أُحُد ، وغِلَظ جلده مسيرة ثلاث " . رواه مسلم ( 2851 ) .
صفة أهل الجنة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يمتخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورَشَحهم المسك ، ومجامرهم الأَلُوَّة الألنجوج عود الطيب ، وأزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء " . رواه البخاري ( 3149 ) ومسلم ( 2834 ) .
رشحهم : عرقهم .
مجامرهم : مباخرهم .
الأَلُوَّة الألَنجوج : عود يُتَبخر به ، والألنجوج تفسير لـ : الألوة ، و "عود الطيب " : تفسير التفسير ، كذا في " فتح الباري " ( 6 / 367 ) .
عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يَدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ جرداً مرداً مكحلين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين سنة " . رواه الترمذي ( 2545 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 8072 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
سكرات الموت :
سكرات الموت وشدته
نظرا لأهمية لحظة الموت في المراحل الانتقالية للإنسان من حال إلى حال ؛
فقد أولاها القرآن عناية
ملموسة في كثير من آياته . وقد جاءت أربع آيات بينات تصف لحظة الموت ؛
حيث قال تعالى : ﴿ فلولا إذا بلغت الحلقوم ﴾ ( الواقعة : 83)
وقال :﴿ كلا إذا بلغت التراقي ﴾ ( القيامة : 26 )
وقال : ﴿ ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم ﴾ ( الأنعام :93 )
وقال سبحانه : ﴿ وجاءت سكرة الموت بالحق ﴾ (ق :19 )
وقد جاءت الأحاديث النبوية كذلك موضحة للحظة الموت وسكراته
ومدى شدته ؛ حيث قال النبي
صلى الله عليه و سلم ) ( معالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة
بالسيف وما من مؤمن يموت إلا وكل عرق منه يألم على حدة ))
( رواه أبو نعيم عن عطاء بن يسار ، في الحلية مجلد 8 ص 201 )
وتروى لنا عائشة رضي الله عنها انطباعاتها عند موت الرسول صلى الله عليه و سلم
فتقول :
(( مات النبي صلى الله عليه و سلم وإنه لبين حاقنتي ) الجزء من الجسم
المطمئن بين الترقوة
و الحلق) واقنتي ( نقرة الذقن ) ، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدا بعد النبي ))
( رواه البخاري في صحيحه في كتاب المغازى باب مرض النبي ووفاته 83 )
وقالت عائشة أيضا : (( إن رسول الله ÷ كان بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل
يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه ويقول :
(( لا إله إلا الله إن للموت سكرات ))
ثم نصب يده فجعل يقول : (( في الرفيق الأعلى )) حتى قبض ومالت يده ))
( رواه البخاري أيضا في صحيحه في كتاب الرقاق باب سكرات الموت 42 )
فانظر أخي المؤمن كيف كانت سكرات الموت شديدة
على الحبيب المصطفى وهو النبي المرسل
فكيف بالإنسان العادي ؟
وما جرى على النبي محمد صلى الله عليه و سلم من شدائد الموت وسكراته ،
وأيضا على غيره من الأنبياء والمرسلين ، فيه فائدة عظيمة ،
هي أن يعرف الخلق مقدار ألم الموت ، وأنه باطن ،
وقد يطلع البعض على المحتضر فلا يرى عليه حركة ،ولا قلقا ،
ويرى سهولة خروج روحه ، فيغلب على ظنه سهولة أمر الموت ،
ولا يعرف حقيقة الموقف الذي فيه الميت . فلما ذكر الأنبياء الصادقون
في خبرهم : شدة ألمه _ مع كرامتهم على الله وتهوينه على بعضهم ،
قطع الخلق بشدة الموت الذي يعانيه ويقاسيه الميت مطلقا لإخبار الصادقين عنه ،
عدا الشهيد قتيل الكفار كما سنوضحه فيما بعد .
وربما يتساءل البعض : كيف أن الأنبياء والرسل وهم أحباب الله ،
يقاسون هذه الشدائد والسكرات ، مع أن الله قادر على أن يخفف عنهم ؟
والجواب :
إن أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ، ثم الأمثل ، فالأمثل _ كما جاء في الحديث الصحيح :
(( فأراد الله أن يبتليهم تكميلا لفضائلهم لديه ، ورفعة لدرجاتهم عنده ، وليس ذلك في حقهم نقصا ولا عذابا.
بل هو كمال ورفعة ،مع رضاهم بجميل ما يجرى الله عليهم ، فأراد الله سبحانه أن يختم لهم
بهذه الشدائد ،
مع إمكان التخفيف والتهوين عليهم ، ليرفع منازلهم ، ويعظم أجورهم قبل موتهم ))
فقد ابتلى الله إبراهيم بالنار، وموسى بالخوف، والأسفار،
وعيسى بالصحار ، والقفار، ومحمد بالفقر
في الدنيا ومقاتلة الكفار؛ كل ذلك لرفعة في أحوالهم، وكمال في درجاتهم ،
ولا يفهم من هذا أن الله شدد
عليهم أكثر مما شدد على العصاة المخالفين فإن ذلك عقوبة لهم،
ومؤاخذة على إجرامهم ؛ فلا وجه للشبه بين هذا وذاك .
وكل المخلوقات يحدث لها عند الموت هذه السكرات ،
لا فرق بين علوي وأرضى، ولا جسماني
ولا روحاني ..
فالجميع يشرب من ذلك الكأس جرعته ، ويغتص منه غصته، قال سبحانه : ﴿ كل نفس ذائقة الموت ﴾ (آل عمران :185 )
الموت وعلاماته:
الموت وعلامتة
من علامات حضور الموت :-
1- رؤيا المحتَضَر لمَلكِ الموتِ ، فإن كان من أهل السعادة فإنه يرى ملك الموت في صورة حسنة ويرى ملائكة الرحمة بيض الوجوه ، معهم أكفان من الجنة وحنوط من الجنة ، يجلسون منه مد البصر ، ثم يأتي ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول :
يا فلان أبشر برضى الله عليك ، فيرى منزلته في الجنة ، ثم يقول ملك الموت: يأيتها النفس الطيبة : اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان .
وأما إن كان من أهل الشقاوة فإنه يرى ملك الموت في صورة أخرى ، ويرى ملائكة العذاب سود الوجوه ، معهم أكفان من النار ، وحنوط من النار ، ثم يأتي ملك الموت ويجلس عند رأسه ، ويبشره بسخط الله عليه ، ويرى منزلته من النار ، ويقول ملك الموت : اخرجي أيتها النفس الخبيثة ، أبشري بسخط من الله وغضب.
2- بهذه الحالة عندما يرى المحتضر ملك الموت يحصل له انهيار القوى ، وعدم المقاومة ، والاستسلام لليقين ، فيحصل لديه الغثيان ، وتحصل لديه السكرات والعبرات ، وعدم الاستعداد للكلام ، فهو يسمع ولا يستطيع أن يرد ، ويرى فلا يستطيع أن يعبر ، ويحصل لديه ارتباك القلب ، وعدم انتظام ضرباته ، فيصحو أحياناً ويغفو أحياناً من شدة سكرات الموت . فاللهم أعنَّا على سكرات الموت.
--------------------------------------------------------------------------------
العلامات التي تدل على موت المحتضَر : -
1- شخوص البصر لحديث أم سلمة رضي الله عنها :
( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شَخَص بصره وأغمضه ثم قال : [ إن الروح إذا قبض تبعه البصر.. ] الحديث [ رواه مسلم وأحمد ].
2- انحراف الأنف عن اليمين أو الشمال.
3- ارتخاء الفك السفلي لارتخاء الأعضاء عموماً.
4- سكون القلب ، ووقوف ضرباته .
5- برودة الجسم عامة .
6- التفاف الساق الأيمن على الأيسر أو العكس ، لقوله تعالى : ( والتفَّتْ الساق بالساق ) . [ القيامة 29].
ماذا نفعل بعد تأكدنا من وفاته ؟
1- إغماض عينيه .
2- إقفال الفم .
3- تليين المفاصل خلال ساعة من وفاته ، ليسهل نقله وغسله وتكفينه.
4- وضع ثقل مناسب على بطنه ليمنع انتفاخه إذا لم يُعجل في تغسيله.
5- تغطية الجسم حتى يُشرع في تجهيزه .
6- الإسراع في تجهيزه ، لقوله صلى الله عليه وسلم :[ أسرعوا بالجنازة ؛ فإن تَكُ صالحة فخير تقدمونها،وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ] [ رواه البخاري ].
7- المبادرة بقضاء دَينه لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يُقضى عنه ] [ رواه الترمذي ].
--------------------------------------------------------------------------------
الخاتمة وعلاماتها : -
أ - من علامات حسن الخاتمة من السنة :
1- الحديث الأول : عن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من كان آخر كلامه من الدنيا لا إلا الله دخل الجنة ] [ رواه أبو داود والحاكم ]
2- الحديث الثاني : عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ موت المؤمن بعرق الجبين ] [ أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وغيرهم].
3- الحديث الثالث : عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ما من مسلم يموت يوم الجمعة ، أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر ] [ رواه الترمذي ].
4- ومن علامات حسن الخاتمة أن يموت على طاعة من طاعات الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما لو مات في صلاة أو في صيام أو في حج أو في عمرة أو في جهاد في سبيل الله أو في دعوة إلى الله . ومن يرد الله به خيراً يوفقه إلى عمل صالح فيقبضه عليه .
5- ثناء جماعة من المسلمين عليه بالخير لحديث أنس رضي الله عنه قال : مرّوا بجنازة فأثنوا عليها خيرا ً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ وجبت ] ثم مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شراً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ وجبت ] فقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ما وجبت ؟ فقال : [ هذا أثنيتم عليه خيراً، فوجبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه ] [ أخرجاه ]
6- ومن العلامات التي ترى على الميت بعد وفاته :
أ - الابتسامة على الوجه .
ب - ارتفاع السبابة .
ت - الوضاءة والإشراقة والفرحة بالبشرى التي سمعها من ملك الموت ، وأثرها على وجهه.
ث - أما علامات سوء الخاتمة فهي كثيرة ومتعددة ومنها :
1- أن يموت على شرك ، أو على ترك الصلاة متهاوناً بأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكذا من يموت على الأغاني والمزامير والتمثيليات والأفلام الماجنة ومن يموت على الفاحشة بعمومها والخمر والمخدرات .
2- ومن العلامات التي تظهر على الميت بعد الوفاة : عبوس الوجه وقتامته وظلمته وعدم الرضى بما سمع من ملك الموت بسخط الله ، وظهور سواد على الوجه . وقد يعم السواد سائر الجسد - إلى غير ذلك - عياذاً بالله .
3- وأنصح للمتهاونين في أداء الصلاة - وأخص تاركها - بالإسراع بالتوبة إلى الله والمحافظة عليها حتى يحصل الخشوع فيها ؛ لأنها عمود الإسلام ، ولأن ما بين الرجل والكفر ترك الصلاة كما علمنا نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم : [ العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر ] [ رواه أحمد ومالك ] .
والصلاة حصن حصين لصاحبها ، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر لقوله تعالى : ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) ( العنكبوت 45).
فأين أنت يا رعاك الله من هذا الحصن… ؟ أين أنت من هذا النهر الذي يغسل خطاياك خمس مرات في اليوم والليلة… ؟ تب الآن قبل فوات الأوان … وقبل فُجاءة ملك الموت فإن حصاد ما زرعته في الدنيا يبدأ ساعة أمر ملك الموت بإخراج الروح … فازرع خيراً تجن عواقبه .
أما من أعرض عن هذا الخير ، وترك الصلاة : فعلامة سوء خاتمته السواد الذي يعم بدنه عند تغسيل جنازته . نعوذ بالله من الخذلان