21012012
قصة إفلاس كوداك .. أسباب سقوط شركة بعد أكثر من مئة عام من النجاح
كما سمعنا جميعاً ، إفلاس شركة كوداك
العريقة في صناعة الكاميرات ، سأحاول في هذه المقالة سرد أسباب فشل هذه
الشركة بعد تاريخ حافل بالنجاحات يمتد الى 133 عام . وكيف كان بإمكانها
تجنب ما حصل ، وما الدروس المستفادة من هذه الحالة .
تأسست شركة كوداك عام 1892 على يد جورج
ايستمان وهي شركة متعددة الجنسيات تعمل في مجال معدات التصوير و مواده
وأدواته مقرها الرئيسي في نيويورك .
اشتهرت الشركة بمنتجاتها من أفلام
التصوير الضوئي ، خلال القرن الماضي كانت أيقونة هذه الصناعة و وصلت حصتها
الى 90 % في السوق الأميركي .
منذ أواخر التسعينيات بدأت الشركة سلسلة
من المعاناة المالية نتيجة إنخفاض مبيعات أفلام التصوير لظهور الكاميرات
الرقمية ( التقادم التكنولوجي ) . ولم تعد تظهر ضمن قائمة داوجونز لأكبر
30 شركة أميركية منذ 2004 و لم تحقق الشركة أية أرباح تذكر منذ العام 2007
. وكان سعر سهم الشركة المدرج في بورصة نيويورك بلغ أقل من دولار واحد
وحذرتها إدارة البورصة من شطب اسمها من القوائم ان استمر الوضع على ما هو
عليه .
منذ بدايات الشركة اتبعت استراتيجية
تدعى razor-blade strategy وتعني بيع منتجات ( كاميرات ) رخيصة و الحصول
على حصة سوقية كبيرة من أفلام و أوراق التحميض . كانت مبادئ عمل الشركة :
إنتاج كبير ، تكلفة منخفضة ، انتشار عالمي ، إعلان قوي ، تركيز على الزبون و النمو من خلال البحث المستمر .
لأن الحالة التي سنتحدث عنها اليوم
استراتيجية بإمتياز ، فلايمكن شرحها بغير النظر من هذه الزاوية ، فشركة
عمرها 133 عام وعانت من مشاكل في آخر 30 عام من حياتها .. تلك مشاكل
استراتيجية حتماً ويجب تحليلها بهذا الشكل ..
السبب الأول : التناقض بين الاستراتيجية المنطقية و الاستراتيجية الإبتكارية .
وقعت الشركة في مأزق المقارنة بين طريقة
التفكير العقلانية و طريقة التفكير الإبتكارية لحل المشاكل التي اعترضتها
. في حين تركز الطريقة العقلانية على التطبيق الصارم لأساليب حل المشاكل
بالمنطق ، بينما تركز الطريقة الإبتكارية على الحدس والبديهة مما يجعل
المدراء يستخدمون مهاراتهم الإبتكارية والتفكير بشكل غير تقليدي .
بدأت تتصاعد الصعوبات في 1984 عندما
دخلت شركة fuji اليابانية السوق الأمريكية .لكن كوداك رفضت الإقرار بأن
المستهلك الأميركي قد يغير شرائه إلى ماركة غريبة عنه . افتتحت فوجي
مصنعاً في الولايات المتحدة وبدأت بحصد المزيد من حصة السوق للأفلام و
أوراق الطباعة .
وأيضاً في أواخر الثمانينيات تمسكت الشركة بتصور جوهري حول نمط عملها مما جعلها لا تميز التغير الوشيك في الصناعة وهو العصر الرقمي .
تمسك الشركة نابع عن كونها تطبق
الاستراتيجية المنطقية في عملها ، حيث إنها كانت الرائدة في صناعتها
وتعتقد أن أي تغيير سيحصل لن يؤثر كثيراً عليها .
أما الطريقة الإبتكارية في عمل الشركة ، كان يجب عليها أن تطرح تساؤلات وتصورات حول السيناريو المستقبلي مع هذا التغير الحاصل .
السبب الثاني : التناقض بين التغيير الجذري الثوري والتغيير البطيئ التدريجي
حتى عندما تضع الشركة استراتيجية عملها ،
عليها دائما البحث عن الطريقة المثلى لتطبيقها بما يتوافق مع التغيرات .
دائما هناك وجهتا نظر ، الأولى تقول أن التغيير يجب أن يكون تدريجي و ثوري
أي يشمل كل نواحي العمل ، و الثانية تعتبر التغيرات يجب أن يتماشى معها
بطريقة لطيفة سلسة .
ظهرات المؤشرات في 1981 عندما أعلنت
شركة سوني أنها سوف تطرح Mavica وهي كاميرا رقمية بدون فيلم ويمكنها عرض
الصور على شاشة التلفزيون ويمكن بعدها طباعة الصور على الورق .
رأت كوداك أنه من الصعب تصديق أن شيئاً
ما سيكون مربحاً كالأفلام التقليدية التي كانت رائدة بها ، وحينها اعترف
المدير التنفيذي للشركة أن عليهم التصرف سريعاً لكن من خلال دمج تقنية
الأفلام والتحميض مع تكنولوجيا جديدة ! . ( لاحظ عدم قبول التغيير الجذري )
.
رغبت كوداك بالتماشي مع هذا التطور لكن
بشكل بطيئ حتى لا تتسبب بالآلام للشركة من خلال التغيير الجذري في نمط
العمل . لأنها عملية ليست سهلة أن تتخلى عن إرث 100 عام من الريادة في
مجال الأفلام والتحميض الكيماوي وتدخل مجال التكنولوجيا الرقمية الجديدة
كلياً .
السبب الثالث : التناقض بين الأسواق و الموارد في الاستراتيجية
طرحت كوداك تساؤلا حول ماهية المورد
الحقيقي للميزة التنافسية التي تملكها ؟ هل على الشركة إعادة التموضع بشكل
يجعلها تستفيد من إيجابيات تغير الأسواق ، أم أنه عليها البقاء على حالها
و مواردها الأساسية ؟ .
بدت المشكلة واضحة ، تسيطر كوداك على
إمكانياتها التصنيعية في الأفلام و أوراق الطباعة وكيماويات التحميض و
معالجة الصور ، لكن العصر الرقمي مختلف كلياً ، فهو يعتمد على التكنولوجيا
. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها كوداك أن تبحث عن المستقبل من
وراء الأفلام
أعلنت الشركة في 2003 عن تغير
استراتيجيتها لتتوسع الى العصر الرقمي من خلال أسواق المستهلكين و
التجاريين و المنتجات الخاصة بالطب ( أجهزة التصوير الشعاعي ) . كما وأنها
حاولت دخول مجال الشاشات و الطباعات الحبرية لبناء مزايا تنافسية جديدة
لها .
السبب الرابع : التناقض بين التنافس و التعاون
كيف يجب أن تتعامل الشركات من المنافسين
؟ هناك وجهتا نظر متناقضتين ، الأولى تقول بوجوب أن تكون العلاقات معهم
بالحد الأدنى وتحت شروط صارمة ، بينما الأخرى ترى ضرورة أهمية بناء علاقة
مع المنافسين لتشجيعهم على قبول الإندماجات و الاستحواذات خاصة في حالة
المنافسين الصغار . عندما تستحوذ شركة ما على منافس صغير فإنها تحصل على
فرصة الدخول الى سوق جديد لم تكن تعطيه الاهتمام الكافي وكذلك تبني
إمكانيات إنتاج وتكنولوجيا جديدة من خلال ما يقدمه هذا المنافس .
وقعت كوداك في هذا المأزق أيضاً حيث
أنها قامت ببعض الاستحواذات لمحاولة لملمة الفشل الذي حل بها ، لكن كانت
بالكاد تتعاون مع بعض المنافسين الصغار . كان على الشركة أن تحدد موقفها
بدقة أكبر و تتجه نحو الاستحواذ والاندماج مع كافة المنافسين الذين يتيحون
لها إمكانيات جديدة ، ( لاحظ كيف أن غوغل اسبوعياً تستحوذ على منافس صغير
جداً يطور تقنية معينة ، هذا الاستحواذ يقدم منافع للطرفين ، غوغل تكسب
تقنية جديدة بثمن رخيص نسبياً و تبعد منافس من الساحة قد يكبر لاحقاً ، و
الشركة تكسب شرائها بسعر لم تكن تتوقعه من قبل وتبقى في إدارة مشروعها )
السبب الخامس : التناقض بين التوجه إلى العالم أم البقاء على المستوى المحلي
يغري الإنطلاق إلى العالم معظم الشركات
مما يدفعها للتسرع إلى هذا المجال ، حتى تقع في مشكلة إختلاف الثقافات و
نمط الزبائن وسلوكياتهم وعاداتهم الشرائية . وايضا يغري البقاء على
المستوى المحلي الكثير من الشركات فهي تعرف أسواقها وزبائنها وتقنياتها
ومنافسيها جيداً وتسيطر على حصة كبيرة ، فلم الإنطلاق نحو المجهول وراء
دافع المزيد من الربحية ؟
إذن يمكن القول أن كوداك لم تتمكن من
تحديد مستقبلها بشكل فعال ، وتعتبر مثال عن حالات فشل استراتيجية وقعت بها
الشركات ، لم تتمكن من إدراك المستقبل الرقمي بسرعة ، وعندما تيقنت من
هذا ، كانت ردة فعلها بطيئة للإستجابة للتغير المستمر .. هذا التغير كان
أشبه بموجة مد عالية أطاحت بكوداك التقليدية .. للأسف كان بإمكان كوداك
إستثمار مليارات الدولارات التي تجنيها من منتجاتها التقليدية وخاصة في
المجال الطبي لأن تعيد هيكلة نفسها لتسيطر أيضاً على العصر الرقمي الجديد
ايضاً .
الدروس المستفادة :
1- على كل الشركات التجاوب مع ( مأزق
الإبتكار ) أو ( حل الإبتكار ) وتعني أن هناك أشياء قد تحدث ( ابتكارات
جديدة مثلاً ) قد تطيح كلياً بأعظم شركة مهما بلغت ( كوداك حينها كان
عمرها 100 عام )
2- لا ينبغي على الشركات البقاء على الجانب الآمن و عد المليارات التي تجنيها فقط .
3- على الشركات التفكير دوماً في أي
صناعة تعمل هي الآن ، لأن منافسيها يقومون بذلك ، والصناعات تتغير أشكالها
على مر الزمن . والمثال أن جونسون أند جونسون لم تكن تفكر بصناعة العدسات
اللاصقة للعيون ، مع أنها تملك التقنية اللازمة .. وعندما فكرت من جديد
بصناعتها بشكل صحيح رأت أن هذه الصناعة يجب أن تدخلها وهذا ما حصل فعلاً .
4- يجب أن يكون لدى الشركات فريق عمل
مستقل مهمته تدمير الشركة من خلال إدخال منتجات جديدة ! ، أو إبتكار
تكنولوجيا جديدة تؤدي إلى نسف التكنولوجيا الحالية التي تعمل بها .
5- يجب أن تشتري الشركات الكبرى شركات
صغيرة تطور تكنولوجيا جديدة يمكن أن تفيدها في عملها الأساسي . ويجب الحذر
هنا حيث إن إنتظرت الشركة إلى أن تدخل هذه التكنولوجيا حيز التنفيذ فإنه
سيكون من المكلف جداً شرائها . والمثال واضح .. كان لدى ياهو ومايكروسوف
فرصة شراء غوغل من قبل .. لاحظ ماذا تفعل بهم اليوم.
أخيراً ، نأخذ عبرة من هذه القصة أن
التطور والتغير الحاصل في البيئة الخارجية للشركة يستدعي حتماً التدخل و
التصرف بشكل ما ، وقد يكون هذا التغير فرصة جديدة أو يؤدي بك للإفلاس .
كما سمعنا جميعاً ، إفلاس شركة كوداك
العريقة في صناعة الكاميرات ، سأحاول في هذه المقالة سرد أسباب فشل هذه
الشركة بعد تاريخ حافل بالنجاحات يمتد الى 133 عام . وكيف كان بإمكانها
تجنب ما حصل ، وما الدروس المستفادة من هذه الحالة .
تأسست شركة كوداك عام 1892 على يد جورج
ايستمان وهي شركة متعددة الجنسيات تعمل في مجال معدات التصوير و مواده
وأدواته مقرها الرئيسي في نيويورك .
اشتهرت الشركة بمنتجاتها من أفلام
التصوير الضوئي ، خلال القرن الماضي كانت أيقونة هذه الصناعة و وصلت حصتها
الى 90 % في السوق الأميركي .
منذ أواخر التسعينيات بدأت الشركة سلسلة
من المعاناة المالية نتيجة إنخفاض مبيعات أفلام التصوير لظهور الكاميرات
الرقمية ( التقادم التكنولوجي ) . ولم تعد تظهر ضمن قائمة داوجونز لأكبر
30 شركة أميركية منذ 2004 و لم تحقق الشركة أية أرباح تذكر منذ العام 2007
. وكان سعر سهم الشركة المدرج في بورصة نيويورك بلغ أقل من دولار واحد
وحذرتها إدارة البورصة من شطب اسمها من القوائم ان استمر الوضع على ما هو
عليه .
منذ بدايات الشركة اتبعت استراتيجية
تدعى razor-blade strategy وتعني بيع منتجات ( كاميرات ) رخيصة و الحصول
على حصة سوقية كبيرة من أفلام و أوراق التحميض . كانت مبادئ عمل الشركة :
إنتاج كبير ، تكلفة منخفضة ، انتشار عالمي ، إعلان قوي ، تركيز على الزبون و النمو من خلال البحث المستمر .
لأن الحالة التي سنتحدث عنها اليوم
استراتيجية بإمتياز ، فلايمكن شرحها بغير النظر من هذه الزاوية ، فشركة
عمرها 133 عام وعانت من مشاكل في آخر 30 عام من حياتها .. تلك مشاكل
استراتيجية حتماً ويجب تحليلها بهذا الشكل ..
السبب الأول : التناقض بين الاستراتيجية المنطقية و الاستراتيجية الإبتكارية .
وقعت الشركة في مأزق المقارنة بين طريقة
التفكير العقلانية و طريقة التفكير الإبتكارية لحل المشاكل التي اعترضتها
. في حين تركز الطريقة العقلانية على التطبيق الصارم لأساليب حل المشاكل
بالمنطق ، بينما تركز الطريقة الإبتكارية على الحدس والبديهة مما يجعل
المدراء يستخدمون مهاراتهم الإبتكارية والتفكير بشكل غير تقليدي .
بدأت تتصاعد الصعوبات في 1984 عندما
دخلت شركة fuji اليابانية السوق الأمريكية .لكن كوداك رفضت الإقرار بأن
المستهلك الأميركي قد يغير شرائه إلى ماركة غريبة عنه . افتتحت فوجي
مصنعاً في الولايات المتحدة وبدأت بحصد المزيد من حصة السوق للأفلام و
أوراق الطباعة .
وأيضاً في أواخر الثمانينيات تمسكت الشركة بتصور جوهري حول نمط عملها مما جعلها لا تميز التغير الوشيك في الصناعة وهو العصر الرقمي .
تمسك الشركة نابع عن كونها تطبق
الاستراتيجية المنطقية في عملها ، حيث إنها كانت الرائدة في صناعتها
وتعتقد أن أي تغيير سيحصل لن يؤثر كثيراً عليها .
أما الطريقة الإبتكارية في عمل الشركة ، كان يجب عليها أن تطرح تساؤلات وتصورات حول السيناريو المستقبلي مع هذا التغير الحاصل .
السبب الثاني : التناقض بين التغيير الجذري الثوري والتغيير البطيئ التدريجي
حتى عندما تضع الشركة استراتيجية عملها ،
عليها دائما البحث عن الطريقة المثلى لتطبيقها بما يتوافق مع التغيرات .
دائما هناك وجهتا نظر ، الأولى تقول أن التغيير يجب أن يكون تدريجي و ثوري
أي يشمل كل نواحي العمل ، و الثانية تعتبر التغيرات يجب أن يتماشى معها
بطريقة لطيفة سلسة .
ظهرات المؤشرات في 1981 عندما أعلنت
شركة سوني أنها سوف تطرح Mavica وهي كاميرا رقمية بدون فيلم ويمكنها عرض
الصور على شاشة التلفزيون ويمكن بعدها طباعة الصور على الورق .
رأت كوداك أنه من الصعب تصديق أن شيئاً
ما سيكون مربحاً كالأفلام التقليدية التي كانت رائدة بها ، وحينها اعترف
المدير التنفيذي للشركة أن عليهم التصرف سريعاً لكن من خلال دمج تقنية
الأفلام والتحميض مع تكنولوجيا جديدة ! . ( لاحظ عدم قبول التغيير الجذري )
.
رغبت كوداك بالتماشي مع هذا التطور لكن
بشكل بطيئ حتى لا تتسبب بالآلام للشركة من خلال التغيير الجذري في نمط
العمل . لأنها عملية ليست سهلة أن تتخلى عن إرث 100 عام من الريادة في
مجال الأفلام والتحميض الكيماوي وتدخل مجال التكنولوجيا الرقمية الجديدة
كلياً .
السبب الثالث : التناقض بين الأسواق و الموارد في الاستراتيجية
طرحت كوداك تساؤلا حول ماهية المورد
الحقيقي للميزة التنافسية التي تملكها ؟ هل على الشركة إعادة التموضع بشكل
يجعلها تستفيد من إيجابيات تغير الأسواق ، أم أنه عليها البقاء على حالها
و مواردها الأساسية ؟ .
بدت المشكلة واضحة ، تسيطر كوداك على
إمكانياتها التصنيعية في الأفلام و أوراق الطباعة وكيماويات التحميض و
معالجة الصور ، لكن العصر الرقمي مختلف كلياً ، فهو يعتمد على التكنولوجيا
. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها كوداك أن تبحث عن المستقبل من
وراء الأفلام
أعلنت الشركة في 2003 عن تغير
استراتيجيتها لتتوسع الى العصر الرقمي من خلال أسواق المستهلكين و
التجاريين و المنتجات الخاصة بالطب ( أجهزة التصوير الشعاعي ) . كما وأنها
حاولت دخول مجال الشاشات و الطباعات الحبرية لبناء مزايا تنافسية جديدة
لها .
السبب الرابع : التناقض بين التنافس و التعاون
كيف يجب أن تتعامل الشركات من المنافسين
؟ هناك وجهتا نظر متناقضتين ، الأولى تقول بوجوب أن تكون العلاقات معهم
بالحد الأدنى وتحت شروط صارمة ، بينما الأخرى ترى ضرورة أهمية بناء علاقة
مع المنافسين لتشجيعهم على قبول الإندماجات و الاستحواذات خاصة في حالة
المنافسين الصغار . عندما تستحوذ شركة ما على منافس صغير فإنها تحصل على
فرصة الدخول الى سوق جديد لم تكن تعطيه الاهتمام الكافي وكذلك تبني
إمكانيات إنتاج وتكنولوجيا جديدة من خلال ما يقدمه هذا المنافس .
وقعت كوداك في هذا المأزق أيضاً حيث
أنها قامت ببعض الاستحواذات لمحاولة لملمة الفشل الذي حل بها ، لكن كانت
بالكاد تتعاون مع بعض المنافسين الصغار . كان على الشركة أن تحدد موقفها
بدقة أكبر و تتجه نحو الاستحواذ والاندماج مع كافة المنافسين الذين يتيحون
لها إمكانيات جديدة ، ( لاحظ كيف أن غوغل اسبوعياً تستحوذ على منافس صغير
جداً يطور تقنية معينة ، هذا الاستحواذ يقدم منافع للطرفين ، غوغل تكسب
تقنية جديدة بثمن رخيص نسبياً و تبعد منافس من الساحة قد يكبر لاحقاً ، و
الشركة تكسب شرائها بسعر لم تكن تتوقعه من قبل وتبقى في إدارة مشروعها )
السبب الخامس : التناقض بين التوجه إلى العالم أم البقاء على المستوى المحلي
يغري الإنطلاق إلى العالم معظم الشركات
مما يدفعها للتسرع إلى هذا المجال ، حتى تقع في مشكلة إختلاف الثقافات و
نمط الزبائن وسلوكياتهم وعاداتهم الشرائية . وايضا يغري البقاء على
المستوى المحلي الكثير من الشركات فهي تعرف أسواقها وزبائنها وتقنياتها
ومنافسيها جيداً وتسيطر على حصة كبيرة ، فلم الإنطلاق نحو المجهول وراء
دافع المزيد من الربحية ؟
إذن يمكن القول أن كوداك لم تتمكن من
تحديد مستقبلها بشكل فعال ، وتعتبر مثال عن حالات فشل استراتيجية وقعت بها
الشركات ، لم تتمكن من إدراك المستقبل الرقمي بسرعة ، وعندما تيقنت من
هذا ، كانت ردة فعلها بطيئة للإستجابة للتغير المستمر .. هذا التغير كان
أشبه بموجة مد عالية أطاحت بكوداك التقليدية .. للأسف كان بإمكان كوداك
إستثمار مليارات الدولارات التي تجنيها من منتجاتها التقليدية وخاصة في
المجال الطبي لأن تعيد هيكلة نفسها لتسيطر أيضاً على العصر الرقمي الجديد
ايضاً .
الدروس المستفادة :
1- على كل الشركات التجاوب مع ( مأزق
الإبتكار ) أو ( حل الإبتكار ) وتعني أن هناك أشياء قد تحدث ( ابتكارات
جديدة مثلاً ) قد تطيح كلياً بأعظم شركة مهما بلغت ( كوداك حينها كان
عمرها 100 عام )
2- لا ينبغي على الشركات البقاء على الجانب الآمن و عد المليارات التي تجنيها فقط .
3- على الشركات التفكير دوماً في أي
صناعة تعمل هي الآن ، لأن منافسيها يقومون بذلك ، والصناعات تتغير أشكالها
على مر الزمن . والمثال أن جونسون أند جونسون لم تكن تفكر بصناعة العدسات
اللاصقة للعيون ، مع أنها تملك التقنية اللازمة .. وعندما فكرت من جديد
بصناعتها بشكل صحيح رأت أن هذه الصناعة يجب أن تدخلها وهذا ما حصل فعلاً .
4- يجب أن يكون لدى الشركات فريق عمل
مستقل مهمته تدمير الشركة من خلال إدخال منتجات جديدة ! ، أو إبتكار
تكنولوجيا جديدة تؤدي إلى نسف التكنولوجيا الحالية التي تعمل بها .
5- يجب أن تشتري الشركات الكبرى شركات
صغيرة تطور تكنولوجيا جديدة يمكن أن تفيدها في عملها الأساسي . ويجب الحذر
هنا حيث إن إنتظرت الشركة إلى أن تدخل هذه التكنولوجيا حيز التنفيذ فإنه
سيكون من المكلف جداً شرائها . والمثال واضح .. كان لدى ياهو ومايكروسوف
فرصة شراء غوغل من قبل .. لاحظ ماذا تفعل بهم اليوم.
أخيراً ، نأخذ عبرة من هذه القصة أن
التطور والتغير الحاصل في البيئة الخارجية للشركة يستدعي حتماً التدخل و
التصرف بشكل ما ، وقد يكون هذا التغير فرصة جديدة أو يؤدي بك للإفلاس .
تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى