06102011
الأنشطة الجمبازية في العهد القديم:
لقد اكتسبت الأنشطة البدنية وظائف إجتماعية و ثقافية و تربوية متنوعة، و ذلك بإعتبارها ممارسة تمتد جذورها في أعماق ثقافة المجتمعات البشرية و في أنماط واقعها المعيش. فمنذ عهود المجتمعات البدائية و في الوقت الذي كانت فيه التربية تلقائية و تكاد تكون غير شعورية و محدودة، كان الإنسان البدائي يمارس الركض و القفز و الوثب و الرمايـة و التسلق بهدف تسديد حاجياته من الأكل بواسطة الصيد و القنص، و كان الأطفال و هم يلعبون يحاكون ما يرونه من الكهول فيتهيئون بدورهم تدريجيا للحياة الإجتماعية.
و مع تطور البشرية، و بعد إجتياز طور البداوة إحتلت الأنشطة البدنية مكانة إجتماعية أهم من ذي قبل حيث أصبحت تمارس بوسائل متعددة و تنظم في شكل ألعاب و مباريات تقام لها إحتفالات عامة تعبيرا عن عادات و تقاليد القبائل و الشعوب التي تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى. و كانت تلك الإحتفالات أكثر أهمية و ذات دلالة لدى اليونانيين القدامى، إذ كانوا يستعدون لتنظيمها إستعدادا كبيرا. ففي عهد هومار بسبارطة (حوالي القرن العاشر قبل الميلاد)كان الأطفال من سن السادسة إلى سن العشرين يتلقون تدريبات منتظمة على ممارسة مختلف التمارين البدنية التي تعتمد القوة و المرونة، و ذلك بهدف تكوين رجال أقوياء مكتملي الأجسام بحيث يستطيعون الدفاع و الذود عن الوطن. و لتقييم ذلك تنظم احتفالات كبرى يستعرض فيها المشاركون التمارين و المهارات الحركية المكتسبة عراة الأجسام و يطلق عليهم باللغة اليونانية "قمنوس" و هي العبارة الأصلية و المصدر ألأول لكلمة "جمباز" التي أصبحت تستعمل بعد ذلك في كل أنظمة التربية البدنية عبر العصور. و يعتبر اليونانيون أول من أدرجوا ألأنشطة الجمبازية في نظام التربية العامة، و يعود الفضل في ذلك إلى المفكر "قاليان" الذي أكد على أهمية تمارين الجمباز و دورها في تربية الجسم و النفس معا لضرورة إيجاد توازن بين القوة و الأناقة و بين الرشاقة و قوة الطبع. و من ثم تبلورت فكرة التوجه الطبي للأنشطة الجمبازية و مزيد الاهتمام و العناية بالجسم. فهيأت للغرض مساحات كبيرة تسمى "البلسترا" ليتعاطى فيها الأطفال و الشبان بانتظام مختلف الأنشطة الجمبازية و الألعاب. و بتأثير قوي من ممارسة الطقوس الدينية تطورت الأنشطة الجمبازية في مختلف بقاع العالم و بالأخص لدى الرومان و الصينيين و المصريين القدامى، غير أن اليونــان و منذ سنة 776 قبل الميلاد إشتهرت بتنظيمها لأكبر المباريات الاستعراضية الضخمة التي تقام عند نهاية كل أربع سنوات بجبال الألب و التي سميت "الألعاب الأولمبية"
الأنشطة الجمبازية في القرون الوسطى:
من أبرز التوجهات التي تم تجسيمها خلال القرنين الرابع عشر و الخامس عشر في كل من مصر و اليونان و عند الرومان بصفة أخص هي التربية البدنية العسكرية.فمنذ بداية القرن الأول للجمهورية الرومانية إعتمدت روما الحضارة اليونانية الثرية و عملت على الانتفاع بها و نشرها بين كل الشعوب التي غزتها مع شيء من التحوير. إذ لم يعد يسمح بممارسة التمارين الرياضية دون لباس، فالأنشطة التي لا تراعى فيها النواحي الجمالية تكفي وحدها لتكوين ناشئــة و إعداد جنود الغد لغزو مناطق جديدة و توسيع رقعة الإمبراطورية. و تبعا لذلك أدرجت روما الأنشطة الجمبازية في النظام العسكري. و في هذا السياق يعد الرومان أول من استعمل الحصان الخشبي لتدريب الشبان على تمارين القفـز و التحكم في الجسم في الفضاء.
و منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر تطور مفهوم الأنشطة الجمبازية و أصبحت تعد فنا من الفنون يتعاطاها القياصرة و أغنياء القوم. و من تمارين القفز على الحصان الخشبي توجه الإهتمام أكثر إلى الحركات الأرضية و البحث عن تمارين جديدة تعبر عن جمالية و رشاقة الجسم و تبرز قدراته البدنية و الحركية عند القيام بها في سلسلات جمبازية.
و إنطلاقا من ذلك غدت الأنشطة الجمبازية موضوع دراسات و تحاليل و مؤلفات بيداغوجية و فنية نذكر من أهمها أعمال الطبيب الإيطالي "إيودونيمو ماركوريالس" (1530-1606) و خاصة المعطيات التي قدمها في كتابه "عن فن الجمباز" الذي صنف فيه الأنشطة الجمبازية إلى ثلاثة أنواع : الجمباز الطبي الوقائي، الجمباز الرياضي و الجمباز العسكري. و من أبرز المؤلفات التي لقيت رواجا كبيرا لما تضمنته من وصف شامل وتحليل فني و بيداغوجي لتمارين القفز و الحركات الأرضية كتاب الإيطالي "أركندجالو توكارو" (1538-1616) ثلاث حوارات في تمارين القفــز و الحركات الأرضية" أما فيما يتعلق بجانب فنيات التعليم فيمكن إعتبار كتاب "المنهجية الرائعة" للمربي التشيكـي "يان أموس كومنسكي" ( 1592-1760 ) بأنه المرجع الأول الذي تنازل أسس و مبادئ و طرق تعليم الأنشطة الجمبازية و التي ليزال يعتمد البعض منها في ميدان البيداغوجيا الحديثة.
الأنشطة الجمبازية خلال القرنين الثامن عشر و التاسع عشر
شهدت الأنشطة الجمبازية خلال القرنين الثامن عشر و التسع عشر تطورا لم تعرفه من قبل، و ذلك سواء من حيث محتواها و أهدافها أو شكل ممارستها. فمنذ النصف الأول من القرن الثامن عشر تم إستنباط أجهزة جمبازية جديدة كالعمود الثابت، الامتوازيان، الحلق و حصان الحلق. و بعد ذلك برز على الساحة ألأوروبية توجهين مختلفين حول تحديد أهداف و منهجية الأنشطة الجمبازية. يسعى التوجه الأول إلى استغلال ممارسة الأنشطة الجمبازية للمحافظة على صحة الجسم و تربية النشئ تربية اجتماعية سليمة و يتزعم هذا التوجه كل من المفكرين روسو و بستلودزي. و على خلاف ذلك يرى كل من فييت و قوتس موتس أن الجانب الرياضي يكتسي أهمية كبرى، بحيث أن إكتساب المهارات الحركية و التحكم في الجسم عند القيام بالتمارين الجمبازية الصعبة يمثل الدليل للتكوين المتوازن و الشامل للفرد.
جون جاك روسو (1712-1778)
تتمثل أبرز أفكار روسو في توجيه ألأنشطة البدنية عموما و الأنشطة الجمبازية بصفة أخص نحو تربية الطفل بدنيــا و فكريا و إجتماعيا، و بالتالي تنشئته تنشئة إجتماعية سليمة. فالإنسان حسب روسو بحاجة إلى عضلات قوية أو اكتساب حركات رياضية معقدة يتطلب تعلمها وقتا و جهدا كبيرين بقدر ما هو بحاجة إلى الصحة دائمة و معرفة كيفية توظيف التمارين البدنية و الحركات ألأساسية التي تستوجبها الحياة اليومية. و لتحقيق ذلك يقترح روسو اعتماد الحركات و التمارين ألأساسية الطبيعية الخاصة بالإنسان، كالمشي و الركض و القفز و التسلق و مختلف الأنشطة الجمبازية و ذلك في شكل ألعاب تربوية بالمحيط الطبيعي.
جون هنري بستلودزي (1746-1827)
عمل بستلودزي على بلورة أفكار روسو و تجسيمها ميدانيا، و ذلك إنطلاقا من مبدأ أن التربية تهدف إلى تكوين الفرد روحا و جسدا ككل لا يتجزأ، و الأنشطة البدنية كظاهرة إجتماعية موضوعها الإنسان تساهم في تحقيق أهداف التربية بواسطة الحركة حيث تمثل الأنشطة الجمبازية فيها أنجع وسيلة للوقاية من الإختلالات المورفولوجية، و بالتالي الحفاظ على الصحة. و بناء على ما سبق أدرج يستلوزي الأنشطة الجمبازية في التربية البدنية و أكد على أهمية التدرج البيداغوجي في التعليم، كما صنف تمارين الجمباز حسب مرونة المفاصل معتمدا في ذلك أسس علم التشريح.
فييت (1763-1936)
يعتبر فييت من مشاهير مؤسسي المدارس الخيرية بألمانيا خلال القرن الثامن عشر و التي تميزت بإعتمادها التربية البدنية في نظامها التربوي العام كمادة تعليمية ذات أهمية، و قد ساعد توسع و انتشار هذا النوع من المدارس في نشأة المدرسة الجمبازية الألمانية حيث كان فييت من ابرز أنصارها إذ ألف عديد المراجع تناول فيها تطور الأنشطة الجمبازية عبر التاريخ و صنف التمارين حسب محاور مختلف الأنشطة و خاصة محور القفز على الحصان. و تطرق فييت في أعمال أخرى إلى منهجية التعليم أولى فيها إهتماما بالخصوص إلى طرق تنظيم و تسيير حصص الأنشطة الجمبازية متوخيا في ذلك توجها عسكريا يلزم الصرامة و الانضباط على الأطفال و يفرض عليهم الامتثال للأوامر بهدف غرس الروح الوطنية فيهم منذ الصغر .
قوتس موتس (1759-1839 )
إنطلاقا من أفكار روسو، يعتبر قوتس موتس أن الأنشطة الجمبازية فرع من فروع التربية، و ممارستها في المحيط الطبيعي لها دور فعال في تربية الناشئة و تكوينهم الشامل. و قد أولى روسو إهتماما في جل أعماله إلى دراسة الأنشطة التي تمارس في المحيط الطبيعي، كالمشي و الركض و القفز و التأرجح و كذلك الجانب الفني للتمارين الجمبازية الخاصة بالعمود الثابت و عارضة التوازن و سلسلات الحركات الأرضية محاولا إبراز مدى تأثير هذه الأنشطة و التمارين على الناحيتين المورفولوجية و الفيزيولوجية للإنسان و ذلك في عمل فردي دون إعتماد ما توصلت إليه الدراسات ألأخرى في هذا المجال أو إستغلالها لتدعيم ما توصل إليه من استنتاجات. و تؤكد جل هذه الاستنتاجات أن ممارسة ألأنشطة الجمبازية تساهم بقدر وافر في النمو المتوازن للجسم و المحافظة على صحته، و بالتالي يرى قوتس موتس أنها وسيلة مثلى يمكن إعتمادها في التدريب العسكري للشبان و إعداد الناشئة للمستقبل.
المدارس الكبرى في الجمباز
تبعا للوعي بالدور الفعال الذي تؤديه الأنشطة الجمبازية في ميدان التربية، و تأكد مكانتها في النظم التربوية في مطلع القرن التسع عشر بأروبا على وجه الخصوص، تزايد الإهتمام بهذه الأنشطة في مختلف جوانبها. و قد ساعدت المعرف النظرية التي حينت و المكتسبات السابقة في هذا المجال إلى بروز ثلاث توجهات أساسية متباينة تكونت على أسسها مدارس جمبازية و هي: المدرسة الألمانية، المدرسة الفرنسية، المدرسة السويدية و المدرسة التشيكية.
لقد اكتسبت الأنشطة البدنية وظائف إجتماعية و ثقافية و تربوية متنوعة، و ذلك بإعتبارها ممارسة تمتد جذورها في أعماق ثقافة المجتمعات البشرية و في أنماط واقعها المعيش. فمنذ عهود المجتمعات البدائية و في الوقت الذي كانت فيه التربية تلقائية و تكاد تكون غير شعورية و محدودة، كان الإنسان البدائي يمارس الركض و القفز و الوثب و الرمايـة و التسلق بهدف تسديد حاجياته من الأكل بواسطة الصيد و القنص، و كان الأطفال و هم يلعبون يحاكون ما يرونه من الكهول فيتهيئون بدورهم تدريجيا للحياة الإجتماعية.
و مع تطور البشرية، و بعد إجتياز طور البداوة إحتلت الأنشطة البدنية مكانة إجتماعية أهم من ذي قبل حيث أصبحت تمارس بوسائل متعددة و تنظم في شكل ألعاب و مباريات تقام لها إحتفالات عامة تعبيرا عن عادات و تقاليد القبائل و الشعوب التي تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى. و كانت تلك الإحتفالات أكثر أهمية و ذات دلالة لدى اليونانيين القدامى، إذ كانوا يستعدون لتنظيمها إستعدادا كبيرا. ففي عهد هومار بسبارطة (حوالي القرن العاشر قبل الميلاد)كان الأطفال من سن السادسة إلى سن العشرين يتلقون تدريبات منتظمة على ممارسة مختلف التمارين البدنية التي تعتمد القوة و المرونة، و ذلك بهدف تكوين رجال أقوياء مكتملي الأجسام بحيث يستطيعون الدفاع و الذود عن الوطن. و لتقييم ذلك تنظم احتفالات كبرى يستعرض فيها المشاركون التمارين و المهارات الحركية المكتسبة عراة الأجسام و يطلق عليهم باللغة اليونانية "قمنوس" و هي العبارة الأصلية و المصدر ألأول لكلمة "جمباز" التي أصبحت تستعمل بعد ذلك في كل أنظمة التربية البدنية عبر العصور. و يعتبر اليونانيون أول من أدرجوا ألأنشطة الجمبازية في نظام التربية العامة، و يعود الفضل في ذلك إلى المفكر "قاليان" الذي أكد على أهمية تمارين الجمباز و دورها في تربية الجسم و النفس معا لضرورة إيجاد توازن بين القوة و الأناقة و بين الرشاقة و قوة الطبع. و من ثم تبلورت فكرة التوجه الطبي للأنشطة الجمبازية و مزيد الاهتمام و العناية بالجسم. فهيأت للغرض مساحات كبيرة تسمى "البلسترا" ليتعاطى فيها الأطفال و الشبان بانتظام مختلف الأنشطة الجمبازية و الألعاب. و بتأثير قوي من ممارسة الطقوس الدينية تطورت الأنشطة الجمبازية في مختلف بقاع العالم و بالأخص لدى الرومان و الصينيين و المصريين القدامى، غير أن اليونــان و منذ سنة 776 قبل الميلاد إشتهرت بتنظيمها لأكبر المباريات الاستعراضية الضخمة التي تقام عند نهاية كل أربع سنوات بجبال الألب و التي سميت "الألعاب الأولمبية"
الأنشطة الجمبازية في القرون الوسطى:
من أبرز التوجهات التي تم تجسيمها خلال القرنين الرابع عشر و الخامس عشر في كل من مصر و اليونان و عند الرومان بصفة أخص هي التربية البدنية العسكرية.فمنذ بداية القرن الأول للجمهورية الرومانية إعتمدت روما الحضارة اليونانية الثرية و عملت على الانتفاع بها و نشرها بين كل الشعوب التي غزتها مع شيء من التحوير. إذ لم يعد يسمح بممارسة التمارين الرياضية دون لباس، فالأنشطة التي لا تراعى فيها النواحي الجمالية تكفي وحدها لتكوين ناشئــة و إعداد جنود الغد لغزو مناطق جديدة و توسيع رقعة الإمبراطورية. و تبعا لذلك أدرجت روما الأنشطة الجمبازية في النظام العسكري. و في هذا السياق يعد الرومان أول من استعمل الحصان الخشبي لتدريب الشبان على تمارين القفـز و التحكم في الجسم في الفضاء.
و منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر تطور مفهوم الأنشطة الجمبازية و أصبحت تعد فنا من الفنون يتعاطاها القياصرة و أغنياء القوم. و من تمارين القفز على الحصان الخشبي توجه الإهتمام أكثر إلى الحركات الأرضية و البحث عن تمارين جديدة تعبر عن جمالية و رشاقة الجسم و تبرز قدراته البدنية و الحركية عند القيام بها في سلسلات جمبازية.
و إنطلاقا من ذلك غدت الأنشطة الجمبازية موضوع دراسات و تحاليل و مؤلفات بيداغوجية و فنية نذكر من أهمها أعمال الطبيب الإيطالي "إيودونيمو ماركوريالس" (1530-1606) و خاصة المعطيات التي قدمها في كتابه "عن فن الجمباز" الذي صنف فيه الأنشطة الجمبازية إلى ثلاثة أنواع : الجمباز الطبي الوقائي، الجمباز الرياضي و الجمباز العسكري. و من أبرز المؤلفات التي لقيت رواجا كبيرا لما تضمنته من وصف شامل وتحليل فني و بيداغوجي لتمارين القفز و الحركات الأرضية كتاب الإيطالي "أركندجالو توكارو" (1538-1616) ثلاث حوارات في تمارين القفــز و الحركات الأرضية" أما فيما يتعلق بجانب فنيات التعليم فيمكن إعتبار كتاب "المنهجية الرائعة" للمربي التشيكـي "يان أموس كومنسكي" ( 1592-1760 ) بأنه المرجع الأول الذي تنازل أسس و مبادئ و طرق تعليم الأنشطة الجمبازية و التي ليزال يعتمد البعض منها في ميدان البيداغوجيا الحديثة.
الأنشطة الجمبازية خلال القرنين الثامن عشر و التاسع عشر
شهدت الأنشطة الجمبازية خلال القرنين الثامن عشر و التسع عشر تطورا لم تعرفه من قبل، و ذلك سواء من حيث محتواها و أهدافها أو شكل ممارستها. فمنذ النصف الأول من القرن الثامن عشر تم إستنباط أجهزة جمبازية جديدة كالعمود الثابت، الامتوازيان، الحلق و حصان الحلق. و بعد ذلك برز على الساحة ألأوروبية توجهين مختلفين حول تحديد أهداف و منهجية الأنشطة الجمبازية. يسعى التوجه الأول إلى استغلال ممارسة الأنشطة الجمبازية للمحافظة على صحة الجسم و تربية النشئ تربية اجتماعية سليمة و يتزعم هذا التوجه كل من المفكرين روسو و بستلودزي. و على خلاف ذلك يرى كل من فييت و قوتس موتس أن الجانب الرياضي يكتسي أهمية كبرى، بحيث أن إكتساب المهارات الحركية و التحكم في الجسم عند القيام بالتمارين الجمبازية الصعبة يمثل الدليل للتكوين المتوازن و الشامل للفرد.
جون جاك روسو (1712-1778)
تتمثل أبرز أفكار روسو في توجيه ألأنشطة البدنية عموما و الأنشطة الجمبازية بصفة أخص نحو تربية الطفل بدنيــا و فكريا و إجتماعيا، و بالتالي تنشئته تنشئة إجتماعية سليمة. فالإنسان حسب روسو بحاجة إلى عضلات قوية أو اكتساب حركات رياضية معقدة يتطلب تعلمها وقتا و جهدا كبيرين بقدر ما هو بحاجة إلى الصحة دائمة و معرفة كيفية توظيف التمارين البدنية و الحركات ألأساسية التي تستوجبها الحياة اليومية. و لتحقيق ذلك يقترح روسو اعتماد الحركات و التمارين ألأساسية الطبيعية الخاصة بالإنسان، كالمشي و الركض و القفز و التسلق و مختلف الأنشطة الجمبازية و ذلك في شكل ألعاب تربوية بالمحيط الطبيعي.
جون هنري بستلودزي (1746-1827)
عمل بستلودزي على بلورة أفكار روسو و تجسيمها ميدانيا، و ذلك إنطلاقا من مبدأ أن التربية تهدف إلى تكوين الفرد روحا و جسدا ككل لا يتجزأ، و الأنشطة البدنية كظاهرة إجتماعية موضوعها الإنسان تساهم في تحقيق أهداف التربية بواسطة الحركة حيث تمثل الأنشطة الجمبازية فيها أنجع وسيلة للوقاية من الإختلالات المورفولوجية، و بالتالي الحفاظ على الصحة. و بناء على ما سبق أدرج يستلوزي الأنشطة الجمبازية في التربية البدنية و أكد على أهمية التدرج البيداغوجي في التعليم، كما صنف تمارين الجمباز حسب مرونة المفاصل معتمدا في ذلك أسس علم التشريح.
فييت (1763-1936)
يعتبر فييت من مشاهير مؤسسي المدارس الخيرية بألمانيا خلال القرن الثامن عشر و التي تميزت بإعتمادها التربية البدنية في نظامها التربوي العام كمادة تعليمية ذات أهمية، و قد ساعد توسع و انتشار هذا النوع من المدارس في نشأة المدرسة الجمبازية الألمانية حيث كان فييت من ابرز أنصارها إذ ألف عديد المراجع تناول فيها تطور الأنشطة الجمبازية عبر التاريخ و صنف التمارين حسب محاور مختلف الأنشطة و خاصة محور القفز على الحصان. و تطرق فييت في أعمال أخرى إلى منهجية التعليم أولى فيها إهتماما بالخصوص إلى طرق تنظيم و تسيير حصص الأنشطة الجمبازية متوخيا في ذلك توجها عسكريا يلزم الصرامة و الانضباط على الأطفال و يفرض عليهم الامتثال للأوامر بهدف غرس الروح الوطنية فيهم منذ الصغر .
قوتس موتس (1759-1839 )
إنطلاقا من أفكار روسو، يعتبر قوتس موتس أن الأنشطة الجمبازية فرع من فروع التربية، و ممارستها في المحيط الطبيعي لها دور فعال في تربية الناشئة و تكوينهم الشامل. و قد أولى روسو إهتماما في جل أعماله إلى دراسة الأنشطة التي تمارس في المحيط الطبيعي، كالمشي و الركض و القفز و التأرجح و كذلك الجانب الفني للتمارين الجمبازية الخاصة بالعمود الثابت و عارضة التوازن و سلسلات الحركات الأرضية محاولا إبراز مدى تأثير هذه الأنشطة و التمارين على الناحيتين المورفولوجية و الفيزيولوجية للإنسان و ذلك في عمل فردي دون إعتماد ما توصلت إليه الدراسات ألأخرى في هذا المجال أو إستغلالها لتدعيم ما توصل إليه من استنتاجات. و تؤكد جل هذه الاستنتاجات أن ممارسة ألأنشطة الجمبازية تساهم بقدر وافر في النمو المتوازن للجسم و المحافظة على صحته، و بالتالي يرى قوتس موتس أنها وسيلة مثلى يمكن إعتمادها في التدريب العسكري للشبان و إعداد الناشئة للمستقبل.
المدارس الكبرى في الجمباز
تبعا للوعي بالدور الفعال الذي تؤديه الأنشطة الجمبازية في ميدان التربية، و تأكد مكانتها في النظم التربوية في مطلع القرن التسع عشر بأروبا على وجه الخصوص، تزايد الإهتمام بهذه الأنشطة في مختلف جوانبها. و قد ساعدت المعرف النظرية التي حينت و المكتسبات السابقة في هذا المجال إلى بروز ثلاث توجهات أساسية متباينة تكونت على أسسها مدارس جمبازية و هي: المدرسة الألمانية، المدرسة الفرنسية، المدرسة السويدية و المدرسة التشيكية.
تعاليق
لا يوجد حالياً أي تعليق
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى